للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسْتاقوا الذَّودَ، فأتَى النبيَّ الصَّريخُ، فبعَثَ الطَّلبَ في آثارِهِم، فما تَرجَّلَ النَّهارُ حتى أُتِيَ بهِم، فأمَرَ بمَساميرَ فأُحمِيَتْ فكَحَلَهم وقطَعَ أيدِيَهُم وأرجُلَهُم وما حَسَمَهُم، ثمَّ أُلقوا في الحَرَّةِ يَستَسقونَ فما سُقُوا حتى ماتُوا، قالَ أبو قِلابةَ: سَرَقوا وقَتَلوا وحارَبوا اللهَ ورَسولَه» (١).

وقد أجمَعَ المُسلمونَ على أصلِ حَدِّهم (٢).

قالَ أبو عُمرَ ابنُ عبدِ البَرِّ : أجمَعَ العُلماءُ على أنَّ مَنْ شَقَّ العَصَا وفارَقَ الجَماعةَ وشهَرَ على المُسلمينَ السِّلاحَ وأخافَ السَّبيلَ وأفسَدَ بالقَتلِ والسَّلبِ فقَتلُهم وإراقةُ دِمائِهم واجِبٌ؛ لأنَّ هذا مِنْ الفَسادِ العَظيمِ في الأرضِ، والفَسادُ في الأرضِ مُوجِبٌ لإراقةِ الدماءِ بإجماعٍ، إلا أنْ يَتوبَ فاعلُ ذلكَ مِنْ قبلِ أنْ يُقدَرَ عليهِ، والانهزامُ عندَهم ضَربٌ مِنْ التوبةِ، وكذلكَ مَنْ عجَزَ عن القتالِ لم يُقتلْ إلا بما وجَبَ عليهِ قبلَ ذلك (٣).

شُروطُ وصِفةُ المحارِبينَ:

اشتَرطَ جُمهورُ الفُقهاءِ عدَّةَ شُروطٍ لا بُدَّ مِنْ تَوفُّرِها حتى يُوصَفَ الإنسانُ بأنه مُحارِبٌ للهِ ورَسولِه وقاطعٌ للطَّريقِ، وهذه الشُّروطُ منها ما هو مُتفَقٌ عليهِ، ومنها ما هو مُختلَفٌ فيه، وبَيانُ ذلكَ على النحوِ الآتي:


(١) رواه البخاري (٦٨٠٤)، ومسلم (١٦٧١).
(٢) «النجم الوهاج» (٩/ ٢٠٣).
(٣) «التمهيد» (٢٣/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>