ولأنه ضَربٌ غيرُ مَحدودِ الطَّرفينِ، فلمْ يكنْ واجِبًا كضَربِ المعلِّمِ والزوجِ …
ولو عفَى مُستحِقُّ التعزيرِ جازَ للإمامِ التعزيرُ في الأصَحِّ لحَقِّ اللهِ تعالى، وإنْ كانَ لا يُعزِّرُ بدونِ عفوٍ قبلَ مُطالبةِ المُستحِقِّ له؛ لأنَّ التعزيرَ أصلُه يَتعلقُ بنَظرِ الإمامِ، فلمْ يُؤثرْ فيه إسقاطُ غيرِه، ولأنَّ التعزيرَ غيرُ مَضبوطٍ؛ لأنه يَحصلُ بأنواعٍ شتَّى مِنْ ضَربٍ وصَفعٍ وتَوبيخٍ وحَبسٍ ونحوِ ذلكَ، ويَحصلُ بقليلِ هذهِ الأمورِ وكَثيرِها، ومُستحِقُّه لم يَستحقَّ نوعًا مُعيَّنًا مِنْ أنواعِ التعازيرِ ولا مِقدارًا مُعيِّنًا، بل استَحقَّ مَجهولًا، والإبراءُ مِنْ المَجهولِ باطلٌ.
والثاني مُقابلُ الأصحِّ: المَنعُ؛ لأنَّ المُستحِقَّ قد أسقَطَه (١).
إذا حدَثَ عن التَّعزيرِ تَلفٌ هل يُضمَنُ أم لا؟
اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ ما تَلفَ بسَببِ التعزيرِ، هل هو مَضمونٌ أم لا؟
فمَن قالَ: «إنَّ التعزيرَ واجِبٌ» -وهُم الجُمهورُ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابلةُ- قالوا: لا يَضمنُ الإمامُ ما حدَثَ بسَببِ التعزيرِ؛ لأنَّ زواجِرَ الإمامِ غيرُ مَضمونةٍ عليه كالحُدودِ.
ومَن قالَ: «إنَّ التعزيرَ مُباحٌ وليسَ بواجِبٍ» -وهُم الشافِعيةُ- قالوا: إذا حدَثَ عنه التلفُ فالإمامُ ضامِنٌ له؛ لِما رُويَ «أنَّ عُمرَ ﵁ بعَثَ إلى
(١) «الحاوي الكبير» (٧/ ٤٣٥)، و «البيان» (١٢/ ٥٣٤، ٥٣٦)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٢٤٣، ٢٤٥)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٥١٨، ٥١٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute