اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ على أنَّ المُودَعَ إذا أخَذَ الوَديعةَ بغيرِ بَينةٍ ثُم ادَّعى ردَّها على المالِكِ أنَّ القَولَ قَولُه مع يَمينِه؛ لأنَّه أَمينٌ والقَولُ قَولُه.
قالَ ابنُ هُبيرةَ ﵀: اتَّفقُوا على أنَّ القَولَ قَولُ المُودَعِ في التَّلفِ والردِّ على الإِطلاقِ معَ يَمينِه (١).
إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفُوا فيما لو أودَعَها له ببيِّنةٍ ثُم ادَّعى المُودَعُ الرَّدَّ بغيرِ بيِّنةٍ، فهل يُقبلُ قَولُه أم لا؟
فذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ وأَحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ المالِكَ إذا أَعطى الوَديعةَ للمُودَعِ ببيِّنةٍ ثم ادَّعى المُودَعُ الردَّ عليه بغيرِ بيِّنةٍ فلا يُقبلُ قَولُه إلا ببيِّنةٍ؛ لأنَّه لمَّا أشهَدَ عليه وتوثَّقَ منه جعَلَه أَمينًا في الحِفظِ دونَ الردِّ، فإذا ادَّعى ردَّها؛ فقد ادَّعى بَراءتَه بما ليسَ بمُؤتمَنٍ فيه، فلمْ يُقبلْ منه إلا ببَينةٍ، ولأنَّ الغالِبَ ممَّن شهِدَ عليه بشَيءٍ أنَّه يَجتهدُ في دَفعِ تلك الشَّهادةِ عنه بما