للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا حكَمَ بصحَّةِ عَقدِ النكاحِ بدونِ وَليٍّ حاكِمٌ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ النكاحِ بلا وَليٍّ إذا حكَمَ بصحَّتِه حاكِمٌ، هل يَنفذُ حُكمُه أم يُنقَضُ حُكمُه؟

فذهَبَ أبو سَعيدٍ الإصطَخريُّ مِنْ الشَّافعيةِ والحَنابلةُ في وَجهٍ إلى أنَّ النكاحَ إذا انعَقدَ بدُونِ وَليٍّ وحكَمَ به الحاكمُ فإنه يُنقَضُ حُكمُه؛ لأنه مُخالِفٌ لنَصِّ الخبَرِ، وهو ما رَوتْ عائِشةُ قالَتْ: قالَ رسولُ اللهِ : «أيُّما امرأةٍ نكَحَتْ بغَيرِ إذْنِ مَواليها فنِكاحُها باطِلٌ -ثَلاثَ مرَّاتٍ-، فإنْ دخَلَ بها فالمَهرُ لها بِما أصابَ منها، فإنْ تَشاجَروا فالسُّلطانُ وَليُّ مَنْ لا وليَّ له» (١).

وذهَبَ الشَّافعيةُ في الصَّحيحِ عندَهم والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ النكاحَ إذا انعَقدَ بدُونِ وليٍّ فحكَمَ بصحَّتِه حاكِمٌ أنه صَحيحٌ نافِذٌ؛ لأنه مُختلَفٌ فيه ويَسوغُ فيه الاجتِهادُ، فلمْ يَجُزْ نَقضُ الحُكمِ كما لو حكَمَ بالشُّفعةِ للجارِ، وأمَّا الخبَرَ فليسَ بنَصٍّ؛ لأنه مُحتمِلٌ للتأويلِ، وفي صحَّتِه كَلامٌ، وقد عارَضَه ظواهِرُ، وكذلكَ سائرُ الأنكِحةِ الفاسدةِ عندَ الحَنابلةِ.

فإنْ وَطئَها الزوجُ قبْلَ الحُكمِ بصحَّتِه لم يَجبْ عليهِ الحدُّ (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٠٨٣)، والترمذي (١١٠٢)، وأحمد (٢٥٣٦٥)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٠٧٤).
(٢) «المهذب» (٢/ ٣٥)، و «البيان» (٩/ ١٥٧، ١٥٨)، و «المغني» (٧/ ٦، ٧)، والفروع (٥/ ١٣٠، ١٣١)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥١)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>