للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه قالَ الثَّوريُّ والأَوزاعيُّ وأَبو حَنيفةَ، وقالَ الشافِعيُّ وابنُ المُنذرِ: تَصحُّ وَصيتُه؛ لأنَّه غيرُ قادِرٍ على الكَلامِ، أشبَهَ الأَخرسَ، واحتَجَّ ابنُ المُنذرِ «بأنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى وهو قاعِدٌ فأَشارَ إليهم فقَعَدوا» رَواه البُخاريُّ، وخرَّجه ابنُ عَقيلٍ وَجهًا إذا اتَّصَل باعتِقالِ لِسانِه المَوتُ.

ولنا: أنَّه غيرُ مَيؤُوسٍ من نُطقِه فلم تَصحَّ وَصيتُه بإِشارتِه كالقادِرِ على الكَلامِ، والخَبَرُ لا يُلزِمُ؛ فإنَّ النَّبيَّ كانَ قادِرًا على الكَلامِ، ولا خِلافَ في أنَّ إِشارةَ القادِرِ لا تَصحُّ بها وَصيةٌ ولا إِقرارٌ، ففارَقَ الأَخرسَ؛ لأنَّه مَيؤوسٌ من نُطقِه (١).

ثم قالَ عن أثَرِ أُمامةَ: وهذا لا حُجةَ فيه؛ لأنَّه لم يُذكَرْ مَنْ الراوي لذلك، ولم يُعلَمْ أنَّه قَولُ مَنْ قَولُه حُجةٌ، ولا عُلمَ هل كانَ ذلك لخَرسٍ يُرجَى زَوالُه أو لا (٢).

ج- إِشارةُ القادِرِ على الكَلامِ:

اختَلفَ أهلُ العِلمِ في حُكمِ من كانَ قادرًا على الكَلامِ ووَصَّى بالإِشارةِ، كما إذا قرَأَ الشُّهودُ الوَصيةَ على المُوصي وقالوا: «نَشهَدُ أنَّها وَصيتُك»، فأَشارَ برأسِه ولم يَتكلَّمْ، هل يَجوزُ أو لا؟


(١) «المغني» (٦/ ١٢٠، ١٢١)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٢٠)، و «المحرر في الفقه» (١/ ٣٧٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٠٧)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٤٤).
(٢) «المغني» (٨/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>