للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المَيمونِيُّ: ما أعلَمُ أنِّي رَأيتُ أحدًا أنظَفَ ثَوبًا، ولا أشَدَّ تَعاهدًا لنَفسِه في شارِبِه، وشَعرِ رأسِه، وبَدنِه، ولا أَنقى ثَوبًا من أَحمدَ بنِ حَنبلٍ (١).

٢ - ابتِدَاءُ طَلَبِه للعِلمِ ورِحْلاتِه :

قالَ أبو نُعيمٍ: قالَ أبو الفَضلِ: قالَ أبي: طلَبتُ الحَديثَ وأنا ابنُ سِتَّ عَشرةَ سَنةً، وماتَ هُشيمٌ وأنا ابنُ عِشرينَ سَنةً، وأوَّلُ سَماعي من هُشيمٍ سَنةَ تِسعٍ وسَبعينَ، وكانَ ابنُ المُباركِ قدِمَ في هذه السَّنةِ، وهي آخِرُ قَدمةٍ قدِمَها، فذهَبتُ إلى مَجلسِه فقالوا: خرَجَ إلى طَرطوسَ، وتُوفِّيَ سَنةَ إِحدى وثَمانينَ (٢).

وقالَ العُلَيميُّ ما مُلخَّصُه: وكانَت لَوائحُ النَّجابةِ تَظهرُ منه زَمنَ الصِّبا، وكانَ حِفظُه للعِلمِ من ذلك الزَّمانِ غَزيرًا، وعِلمُه به مُتوافِرًا، وربَّما كانَ يُريدُ البُكورَ في الحَديثِ، فتَأخذُ أمُّه بثِيابِه، فتَقولُ: حتى يُؤذِنَ الناسُ، أو حتى يُصبِحوا، وسافَرَ في طَلبِ العِلمِ أَسفارًا كَثيرةً إلى البِلادِ، والكُوفةِ، والبَصرةِ، والحِجازِ، ومَكةَ، والمَدينةِ، واليَمنِ، والشامِ، والثُّغورِ، والسَّواحلِ، والمَغربِ، والجَزائرِ، والفُراتَينِ جَميعًا، وأرضِ فارِسَ، وبَلدِ خُراسانَ، والجِبالِ، والأَطرافِ، وغيرِ ذلك.

ثم رجَعَ إلى بَغدادَ، وسادَ أهلَ عَصرِه، ونصَرَ اللهُ به دِينَه، وصارَ أحَدَ


(١) «المنهج الأحمد» (١/ ٢٤).
(٢) «حلية الأولياء» و «طبقات الأصفياء» للحافظ أبي نعيم الأصبهاني (٩/ ١٦٣) مطبعة السعادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>