اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ العَينِ المَغصوبةِ إذا تغيَّرَت بفِعلٍ حتى زالَ اسمُها عنها، وأعظَمُ مَنافعِها، كمَن غصَبَ شاةً فطبَخَها أو شَواها، أو حِنطةً فطَحَنها، أو حَديدًا فاتَّخذَه سَيفًا، أو حِنطةً فزرَعَها، هل يَزولُ مِلكُ صاحِبِها عنها ويَملكُها الغاصِبُ ويَضمنُها أو تَظلُّ على مِلكِ صاحِبِها ويَضمنُها الغاصِبُ مع أَرشِ النَّقصِ أو صاحِبُها مُخيَّرٌ بينَ أنْ يَأخذَها ولا شَيءَ له وبينَ أنْ يُغرِّمَه قيمَتَها أكثَرَ ما كانَت؟
فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه إذا تغيَّرَت العَينُ المَغصوبةُ بفِعلِ الغاصِبِ حتى زالَ اسمُها وأعظَمُ منافِعِها كمَن غصَبَ شاةً فذبَحَها وشَواها أو طبَخَها أو غصَبَ حِنطةً فطحَنَها أو حَديدًا فاتَّخَذه سَيفًا أو صُفرًا عمِلَه آنيةً زالَ مِلكُ المَغصوبِ منه عنها، وملَكَها الغاصِبُ وضمِنَها، وذلك لحُدوثِ صَنعةٍ مُتقوَّمةٍ صَيَّرَت حَقَّ المالِكِ هالِكًا من وَجهٍ، بحيث تَبدَّلَ الاسمُ وفاتَ مُعظمُ المَقاصدِ، وحَقُّ الغاصِبِ في الصَّنعةِ قائِمٌ من كلِّ وَجهٍ؛ فيَترجَّحُ على الأصلِ الذي هو فائِتٌ من وَجهٍ، ولا نَجعَلُه سَببًا للمِلكِ من حيثُ إنَّه مَحظورٌ، بل من حيثُ إنَّه إِحداثُ صَنعةٍ.
والصَّحيحُ أنَّ الغاصِبَ لا يَملكُ المَغصوبَ إلا عندَ أَداءِ الضَّمانِ أو عندَ القَضاءِ بالضَّمانِ أو بتَراضي الخَصمَينِ على الضَّمانِ، فإذا وُجدَ شَيءٌ من هذه الثَّلاثةِ ثبَتَ المِلكُ وإلا فلا، وبعدَ وُجودِ شَيءٍ من هذه الثَّلاثةِ إذا ثبَتَ المِلكُ لا يَحلُّ للغاصِبِ تَناوُلُه إلا أنْ يَجعلَه صاحِبُه في حِلٍّ، ولم يَحلَّ