بَيعُ العِينةِ مِنْ البُيوعِ التي يُحتالُ بها على الرِّبا، ولَها أكثَرُ مِنْ صُورةٍ سَأذكُرُ هُنا أشهَرَ هذه الصُّوَرِ ثم أُردِفُها ببَعضِ الصُّوَرِ عندَ المالِكيَّةِ.
صُورةُ بَيعِ العِينةِ: أنْ يَشتَريَ شَيئًا ويَقبِضَه بثَمَنٍ مَعلومٍ إلى أجَلٍ مُسَمًّى ثم يَبيعَه مِنْ البائِعِ بأقَلَّ مِنْ ذلك الثَّمنِ نَقدًا، قبلَ أنْ يَنقُدَ الثَّمنَ؛ لِيَبقَى كَثيرٌ في ذِمَّتِه.
وسُمِّيَتْ عِينةً لِحُصولِ العَينِ، أي: النَّقدِ الحاضِرِ فيها، ولأنَّه يَعودُ إلى البائِعِ عَينُ مالِه.
حُكمُ بَيعِ العِينةِ:
اختلَف الفُقهاءُ في حُكمِ بَيعِ هذه الصُّورةِ مِنْ العِينةِ على قَولَيْنِ:
القَولُ الأوَّلُ: هو قَولُ جَماهيرِ أهلِ العِلمِ الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ والحَنابِلةِ أنَّ هذا البَيعَ حَرامٌ، وهو مِنْ الرِّبا المُحرَّمِ، وقالَ الحَنفيَّةُ: البَيعُ الأوَّلُ صَحيحٌ، والثَّاني فاسِدٌ. وقالَ المالِكيَّةُ والحَنابِلةُ: البَيعانِ باطِلانِ.
الدَّليلُ على تَحريمِها مِنْ وُجوهٍ:
أحَدُها: أنَّ اللَّهَ تَعالى حرَّم الرِّبا، وبَيعُ العِينةِ وَسيلةٌ إلى الرِّبا، بَلْ هو مِنْ أقرَبِ وسائِلِه، والوَسيلةُ إلى الحَرامِ حَرامٌ؛ فهُنا مَقامانِ:
أحَدُهما: بَيانُ كَونِه وَسيلةً.
والآخَرُ: بَيانُ أنَّ الوَسيلةَ إلى الحَرامِ حَرامٌ.
فأمَّا الأوَّلُ: فيَشهَدُ له به النَّقلُ والعُرفُ والنِّيَّةُ والقَصدُ، وحالُ المُتعاقدَيْنِ.