للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَكالةُ في الإبراءِ:

لا خِلافَ بَينِ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ في صِحَّةِ التَّوكيلِ في الإبراءِ، كما قالَ ابنُ قُدامةَ : ويَجوزُ التَّوكيلُ في الإبراءِ؛ لأنَّه في معنَى البَيعِ في الحاجةِ إلى التَّوكيلِ فيه، ويَثبُتُ فيه حُكمُه، ولا نَعلَمُ في شَيءٍ مِنْ ذلك اختِلافًا (١).

قالَ الشَّافِعيَّةُ: ويَجوزُ أنْ يُوكِّلَ في الإبراءِ مِنْ الدُّيونِ؛ لأنَّه إذا جازَ التَّوكيلُ في إثباتِها واستِيفائِها جازَ التَّوكيلُ في الإبراءِ عنها (٢).

إلَّا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا في المُبْرَأِ مِنه، هَلْ يُشترَطُ أنْ يَكونَ مَعلومًا أو لا يُشترَطُ؟ بِناءً على ما يلي: هَلِ الإبراءُ إسقاطٌ أو تَمليكٌ، أو الأغلَبُ فيه أحَدُهما؟ وهَل يَصحُّ الإبراءُ مِنْ المَجهولِ أو لا؟ فمَن نظَر في هذه المَسألةِ إلى معنَى التَّمليكِ اشترَطَ العِلمَ؛ لأنَّه لا يُمكِنُ تَمليكُ المَجهولِ، ومَن نظَر إلى معنَى الإسقاطِ ذهَب إلى الصِّحَّةِ؛ لأنَّه تَصحُّ هِبةُ المَجهولِ.

فَذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والحَنابِلةُ في الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ إلى أنَّه يَصحُّ البَراءةُ مِنْ المَجهولِ.


(١) «المغني» (٥/ ٥٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٤٠)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٣)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٥٣)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٧٩)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٩٥)، و «مواهب الجليل» (٧/ ١٣٣)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٦٩)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٦٣).
(٢) «المهذب» (١/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>