وممَّن حَفِظنا ذلك عنه مالِكٌ، والأوزاعيُّ، والشافِعيُّ، وأبو ثَورٍ، وأصحابُ الرَّأيِ، والجَوابُ فيما لو قال: لكَ نِصفُ الرِّبحِ إلَّا عَشَرةَ دَراهِمَ، ونِصفُ الرِّبحِ وعَشَرةُ دَراهِمَ، كالجَوابِ فيما إذا شرَط دَراهِمَ مُفردةً.
وإنَّما لَم يَصحَّ ذلك لِمَعنيَيْن: أحَدُهما أنَّه إذا شرَط دَراهِمَ مَعلومةً احتمَل ألَّا يَربحَ غَيرَها فيَحصُلَ على جَميعِ الرِّبحِ، واحتمَل ألَّا يَربحَها فيأخُذَ مِنْ رأسِ المالِ جُزءًا، وقد يَربحُ كَثيرًا فيُستَضَرُّ مَنْ شُرِطت له الدَّراهِمُ.
والآخَرُ: أنَّ حِصَّةَ العامِلِ يَنبَغي أنْ تَكونَ مَعلومةً بالأجزاءِ، لَمَّا تَعذَّر كَونُها مَعلومةً بالقَدْرِ؛ فإذا جُهِلتِ الأجزاءُ فسَدتْ، كما لو جُهِل القَدْرُ فيما يُشترطُ أنْ يَكونَ مَعلومًا به؛ لأنَّ العامِلَ متى شرَط لِنَفْسِه دَراهِمَ فرُبَّما تَوانى في طلَب الرِّبحِ لِعَدمِ فائِدتِه فيه، وحُصولِ نَفعِه لِغَيرِه، بخِلافِ ما إذا كان له جُزءٌ مِنَ الرِّبحِ (١).
٩ - حُضورُ المالَيْن: اشتَرطَ الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ حُضورَ المالَيْن، لكنَّهما اختَلفا هل يَكونُ عندَ العَقدِ أو عندَ الشِّراءِ.
فقال الحَنابِلةُ: يُشترطُ حُضورُ المالَيْن عندَ العَقدِ، فلا تَصحُّ الشَّركةُ على مالٍ غائِبٍ عن مَجلِسِ العَقدِ، ولا على دَينٍ في الذِّمَّةِ؛ فإذا كان لِشَخصٍ دَينٌ على آخَرَ، وقال: «شارِكْني على أنَّ رأسَ المالِ الذي أدفَعُه هو الدَّينُ
(١) «المغني» (٥/ ٢٣)، و «الإجماع» (٥٢٩)، و «الإشراف» (٦/ ٢٠٩)، و «بدائع الصانع» (٦/ ٥٩)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ٣٠٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٠)، و «الروض المربع» (٢/ ٧٠)، و «منار السبيل» (٢/ ١٨١).