للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أَفتى الإِمامُ أحمدُ المُتوكِّلُ بهَدمِ كَنائسِ السَّوادِ، وهي أرضُ العَنوةِ (١).

القَولُ الثالِثُ للحَنفيةِ: وهو ألَّا تُهدَمَ، ولكن تَبقى بأيديهم كمَساكنَ، ويُمنَعونَ من الاجتِماعِ فيها للتَّقرُّبِ.

قالَ الإمامُ الكسانِيُّ : وكلُّ مِصرٍ من أمصارِ المُشرِكينَ ظهَرَ عليه الإمامُ عَنوةً، وجعَلَهم ذِمةً، فما كانَ فيه كَنيسةٌ قَديمةٌ منَعَهم من الصَّلاةِ في تلك الكَنائسِ؛ لأنَّه لمَّا فُتحَ عَنوةً استحَقَّه المُسلِمونَ، فيَمنعُهم من الصَّلاةِ فيها، ويَأمرُهم أنْ يتَّخِذوها مَساكنَ، ولا يَنبَغي أنْ يَهدِمها (٢).

وقالَ ابنُ الهُمامِ : فإنْ كانَت البَلدةُ فُتحَت عَنوةً حكَمنا بأنَّهم أبقَوْها مَساكنَ لا مَعابدَ فلا تُهدَمُ، ولكنْ يُمنَعون من الاجتِماعِ فيها للتَّقرُّبِ، وإنْ عُرِف أنَّها فُتِحت صُلحًا حكَمنا بأنَّهم أقَرُّوها مَعابدَ، فلا يُمنَعونَ من ذلك فيها بل من الإظهارِ (٣).

القِسمُ الثالِثُ: بِلادٌ أُنشِئت قبلَ الإسلامِ وفتَحَها المُسلِمونَ صُلحًا.

الأَراضي المَفتوحةُ صُلحًا لها ثَلاثهُ أنواعٍ:

النَّوعُ الأولُ: أنْ يُصالِحَهم الإمامُ على أنْ تَكونَ الأرضُ للمُسلِمينَ ويُؤدُّون الجِزيةَ إلينا، فالحُكمُ في البِيَعِ والكَنائسِ على ما يَقعُ عليه الصُّلحُ باتِّفاقِ المَذاهبِ الأربَعةِ.


(١) «أحكام أهل الذمة» (٢/ ١٣٠، ١٣٢).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ١١٤).
(٣) «شرح فتح القدير» (٦/ ٥٩)، وانظر: «البحر الرائق» (٥/ ١٢٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>