للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَولُ الزَّوجِ: «أنتِ عليَّ حَرامٌ»:

اختَلفَ الفُقهاءُ في قَولِ الرَّجلِ لزَوجتهِ: «أنتِ عَليَّ حَرامٌ» هل يُعتبَرُ هذا القَولُ طَلاقًا؟ أم ظِهارًا؟ أم يَمينًا فيهِ الكفَّارةُ؟ أم لا يُحسَبُ شَيئًا أصلًا؟ أم يُحسَبُ حسَبَ نيَّتهِ؟

فذهَبَ الحَنفيَّةُ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا قالَ لزَوجتِه: «أنتِ عَليَّ حَرامٌ، أو قَدْ حرَّمتُكِ عَليَّ، أو أنا عَليكِ حَرامٌ، أو قَدْ حرَّمْتُ نَفسِي عَليكِ، أو أنتِ مُحرَّمةٌ عَليَّ» فهو كلُّه سَواءٌ، ويُسألُ عَنْ نيَّتِه؛ لأنه تكلَّمَ بكَلامٍ مُبهَمٍ مُحتمِلٍ لِمَعانٍ، وكَلامُ المُتكلِّمِ مَحمُولٌ على مُرادِه، ومُرادُه إنَّما يُعرَفُ مِنْ جِهتِه، فيُسألُ عَنْ نيَّتِه.

فإنْ قالَ: «نَوَيتُ الطلاقَ» فهي تَطليقةٌ بائِنةٌ إلا أنْ يَنويَ الثَّلاثَ، فإنْ نَوى ثَلاثًا فثَلاثٌ، وإنْ نَوى واحِدةً فواحِدةٌ، وإنْ نَوى ثِنتَينِ فواحِدةٌ بائِنةٌ؛ لأنَّ قولَه: «حَرامٌ» كِنايةٌ، والكِنايةُ يُرجَعُ فيها إلى نيَّتِه.

وإنْ قالَ: «أردْتُ الظهارَ فهو ظِهارٌ عندَ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ؛ لأنه وصَفَها بالتَّحريمِ، وفي الظِّهارِ نَوعُ تَحريمٍ، والمُطلَقُ يُحمَلُ على المُقيَّدِ إذا نَواهُ؛ لأنه وصَفَها بكَونِها مُحرَّمةً، والمَرأةُ تارةً تكونُ مُحرَّمةً بالطلاقِ، وتَارةً تكونُ مُحرَّمةً بالظِّهارِ، فأيَّ ذلكَ نَوى فقَدْ نَوى ما يَحتمِلُه كَلامُه فيُصدَّقُ فيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>