للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطُ الثاني: قُدرةُ المَضمونِ عنه على تَسليمِ المَضمونِ:

اشتَرطَ الإمامُ أبو حَنيفةَ أنْ يَكونَ المَضمونُ عنه قادِرًا على تَسليمِ المَضمونِ، إمَّا بنَفْسِه، وإمَّا بنائِبِه، وبينَما لَم يَشترِطْ ذلك أكثَرُ العُلماءِ، حتى صاحِبا أبي حَنيفةَ: أبو يُوسُفَ ومُحمدُ بنُ الحَسَنِ رَحِمهما اللهُ (١).

وبِناءً على ذلك اختَلَفوا في حُكمِ الضَّمانِ عن المَيِّتِ الذي لَم يَتركْ شيئًا، أمَّا المَيِّتُ الذي خَلَّف وَفاءً فقد أجمَعوا على صِحةِ الضَّمانِ عنه (٢).

أمَّا المَيِّتُ الذي لَم يَتركْ شيئًا فقد اختَلفوا فيه على قَولَيْن:

القَولُ الأولُ: يَصحُّ الضَّمانُ عن المَيِّتِ، وهو قَولُ عامَّةِ العُلماءِ مِنَ المالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ والصاحبَيْن مِنَ الحَنفيَّةِ (٣).

قال الإمامُ الشافِعيُّ : وإذا ضمِن الرَّجلُ دَينَ المَيِّتِ بعدَما يَعرِفُه ويَعرِفُ لِمَنْ هو فالضَّمانُ له لَازمٌ، تَرَك الميِّتُ شيئًا أو لَم يَتركْ (٤).

وقال الدَّرديرُ : وصحَّ الضَّمانُ عن المَيِّتِ المُفلِسِ، أي: المُعسِرِ، بمَعنى الحَملِ عنه؛ لأنَّه مَعروفٌ مِنَ الضامِنِ، وخُصَّ المُفلِسُ


(١) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٦٤).
(٢) يُنظر: «الإفصاح» لابن هبيرة (٢/ ٢٠٥)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٢٤٠).
(٣) يُنظر: «بدائع الصانع» (٧/ ٣٦٤)، و «حاشية رد المحتار» (٥/ ٤١٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥١٢)، و «الأم» (٣/ ٢٦٥)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٠٥)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٢٤٠)، و «المغني» (٦/ ٣١٥، ٣١٦).
(٤) «الأم» (٣/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>