اختَلفَ الفُقهاءُ في المَوقوفِ، هل يُشترطُ أنْ يَكونَ ممَّا يَصحُّ بَيعُه؟ أم يُشترطُ أنْ يَكونَ مَملوكًا للإنسانِ وإنْ لم يَصحَّ بَيعُه؟
فذهَبَ الشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ -وهو مُقتضَى كَلامِ الحَنفيةِ- إلى أنه يُشترطُ في المَوقوفِ أنْ يَكونَ مِمَّا يَصحُّ بَيعُه، فلا يَصحُّ وَقفُ الكَلبِ غَيرِ المُعلَّمِ والخِنزيرِ وسائِرِ السِّباعِ التي لا تَصلحُ للصَّيدِ وجَوارحِ الطَّيرِ التي لا يُصادُ بها.
قالَ الشافِعيةُ: يُشترطُ في المَوقوفِ أنْ يَكونَ عَينًا مُعيَّنةً مَملوكةً مِلكًا يَقبلُ النَّقلَ، ويَحصلُ منها مَنفعةٌ، فلا يَصحُّ وَقفُ مُستولَدةٍ؛ لأنها لا تَقبلُ النَّقلَ، فهي كالحُرِّ، وكذا المُكاتَبُ، وكذا لا يَصِحُّ وَقفُ الكَلبِ المُعلَّمِ أو قابِلٍ للتَّعليمِ على الأصَحِّ، وقيلَ: لا يَصحُّ قَطعًا، وأمَّا غيرُ المُعلَّمِ والقابلُ للتَّعليمِ فلا يَصحُّ وَقفُه جَزمًا (١).
وقالَ الحَنابلةُ: يُشترطُ في المَوقوفِ أنْ يَكونَ ممَّا يَصحُّ بَيعُه، فعَلى هذا لا يَصحُّ وَقفُ ما لا يَجوزُ بَيعُه كأمِّ الوَلدِ والكَلبِ غَيرِ المُعلَّمِ والمَرهونِ، وكذلكَ الخِنزيرُ وسَائِرُ سِباعِ البَهائمِ التي لا تَصلحُ للصَّيدِ وجَوارحُ الطَّيرِ التي لا يُصادُ بها، لأنه نَقلٌ للمِلكِ فيها في الحَياةِ، فلم يَجُزْ كالبَيعِ، ولأنَّ
(١) «روضة الطالبين» (٤/ ١٣٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٥)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٤٥٠)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤١٦)، و «الديباج» (٢/ ٥١٧)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٤٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٦٠).