للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانَ الحَسنُ لا يَرى بأسًا أنْ يَتزوَّجَها على أنْ يَجعلَ لهَا في الشَّهرِ أيَّامًا مَعلومةً.

ولعلَّ كَراهةَ مَنْ كَرهَ ذلكَ راجعٌ إلى إبطالِ الشَّرطِ، وإجازةَ مَنْ أجازَهُ راجعٌ إلى أصلِ النِّكاحِ، فتكونُ أقوالُهم مُتَّفِقةً على صحَّةِ النِّكاحِ وإبطالِ الشَّرطِ كما قُلنا، واللهُ أعلَمُ.

وقالَ القاضي: إنِّما كَرهَ أحمدُ هذا النِّكاحَ؛ لأنهُ يَقعُ على وجهِ السِّرِّ، ونِكاحُ السِّرِّ مَنهيٌّ عنه، فإنْ شُرطَ عليه تَركُ الوطءِ احتَملَ أنْ يَفسدَ العقدُ؛ لأنه شَرطٌ يُنافي المَقصودَ مِنْ النِّكاحِ، وهذا مَذهبُ الشَّافعيِّ، وكذلكَ إنْ شُرطَ عليه أنْ لا تُسلَّمَ إليه، فهو بمَنزلةِ ما لو اشتَرى شَيئًا على أنْ لا يَقبضَه.

وإنْ شرَطَ عليها أنْ لا يطأَها لم يَفسدْ؛ لأنَّ الوطءَ حَقُّه عليها وهي لا تَملِكُه عليه، ويَحتملُ أنْ يَفسدَ؛ لأنَّ لها فيهِ حقًّا، ولذلكَ تَملكُ مُطالَبتَه بهِ إذا آلَى والفسخَ إذا تَعذَّرَ بالجَبِّ والعُنَّةِ (١).

ز- شرَطتْ عليهِ أن يُطلقَ ضَرَّتَها:

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ إلى أنَّه لا يَنبغي للمرأةِ أنْ تَشتَرطَ على الرَّجلِ في عَقدِ نِكاحِها أنْ يُطلِّقَ زَوجَتَه حتَّى تَتزوَّجَه، بأنْ تَتزوَّجَه وتَشتَرطَ عليهِ طلاقَ ضَرَّتها؛ لما رواهُ أبو هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «لا تَسألِ المرأةُ طلاقَ أُختِها لتَستَفرِغَ صَحفَتَها، ولْتَنكحْ فإنَّ لها ما قُدِّرَ لها» (٢).


(١) «المغني» (٧/ ٧٢، ٧٣).
(٢) رواه البخاري (٦٢٢٧)، ومسلم (١٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>