للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البُلوغِ يَمنَعُ ذلك، فكان أوْلى، لكنْ لا يُختبَرُ إلا المُراهِقُ المُميِّزُ الذي يَعرِفُ البَيعَ والشِّراءَ والمَصلَحةَ مِنَ المَفسَدةِ، ومتى أذِنَ له وَليُّه فتَصرَّفَ صَحَّ تَصرُّفُه.

وقد أومَأَ الإمامُ أحمدُ في مَوضِعٍ إلى أنَّ اختبارَه بعدَ البُلوغِ؛ لأنَّ تَصرُّفَه قبلَ ذلك تَصرُّفُ مَنْ لَم يُوجَدْ فيه مَظِنَّةُ العَقلِ (١).

كَيفيَّةُ الاختبارِ:

قال المالِكيَّةُ: صِفةُ الاختبارِ: النُّكتةُ المُعوَّلُ عليها على الجُملةِ التَّأمُّلُ والاجتِهادُ في طَريقٍ يَطَّلِعُ بها الوَصيُّ على اليَتيمِ على باطِنِ أمْرِه ومُنتَهى مَيْزِه في إمساكِ المالِ وضَبطِه والمَعرِفةِ بتَنميَتِه، والمُعتمَدُ في ذلك قَرائِنُ الأحوالِ، ورُبَّما اتَّفقَ منها ما لا يُضبَطُ بلَفظٍ أو كِتابةٍ، لكنْ يَعلَمُها على التَّفصيلِ أنْ يَكونَ اليَتيمُ إذا نَهَضَ على السَّنَنِ الذي يَحتاجُ فيه إلى مَنْ يُغذِّيه ويَحفَظُ عليه طَعامَه، وصارَ مُستقِلًّا بنَفْسِه في تَغذيَتِه وتَدبيرِ طَعامِه ومَنامِه فإنَّه يُدفَعُ إليه دَنانيرُ أو دَراهِمُ بمِقدارِ ما يَشتَري به غَداءَه أو عَشاءَه، ويَكونُ ذلك عليه حتى يُعرَفَ منه أنَّه سَلَك في ذلك مَسلَكَ العُقَلاءِ الرُّشَداءِ، فإذا ثَبَت هذا الوَصفُ له نَقَلَ عنه شَيئًا فشَيئًا، ويَدفَعُ إليه مِنْ مالِه شَيئًا يَسيرًا فَوقَ


(١) «المغني» (٤/ ٣٠٢)، ويُنظر: «أحكام القرآن» لِلجصاص (٢/ ٣٥٦)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٩٠)، و «شرح التلقين» (٣/ ٤١٣)، و «الذخيرة» (٨/ ٢٣٠)، و «التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب» (٦/ ٢٢٦)، و «التبصرة» لِلخمي (١٠/ ٥٥٩٠)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٣٨٤، ٣٨٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١١٤، ١١٥)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٤١٦، ٤١٨)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٤٠٧، ٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>