للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا لَم يَكُنْ له اختيارٌ صَحيحٌ لَم يَصحَّ؛ ولأنَّه نَوعُ تَصرُّفٍ في المالِ فلَم يَصحَّ مِنَ المَحجورِ عليه مِنْ غيرِ إذْنٍ، كالبَيعِ.

فإنْ جُنَّ أحَدُ المُتراهِنَيْنِ قبلَ القَبضِ أو مات لَم يَبطُلِ الرَّهنُ؛ لأنَّه عَقدٌ يَؤولُ إلى اللُّزومِ، فلَم يَبطُلْ بجُنونِ أحَدِ المُتعاقِدَيْنِ أو مَوتِه، كالبَيعِ الذي فيه الخيارُ ويَقومُ وَليُّ المَجنونِ مَقامَه (١).

الإكراهُ على الرَّهنِ:

نَصَّ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ على أنْ يَكونا غيرَ مُكرَهَيْنِ: أي أنْ يَرهَنَ الراهِنُ ما يَرهَنُ باختيارِه، وكذلك المُرتَهَنُ.

قال الشافِعيَّةُ: فلو أُكرِهَ الراهِنُ على الرَّهنِ أو المُرتَهَنِ على الارتِهانِ فلا يَصحُّ الرَّهنُ ولا تَترَتَّبُ عليه آثارُه وأحكامُه بمَعنى أنَّه إذا زالَ الإكراهُ عن العاقِدِ رجَع الحالُ إلى ما كان عليه قبلَ الإكراهِ ووَجَب على الراهِنِ أنْ يَسترِدَّ العَينَ إنْ كان المُكرَهُ هو المُرتَهَنَ، وعلى المُرتَهَنِ أنْ يَرُدَّ العَينَ إنْ كان المُكرَهُ هو الراهِنَ، ثم إذا رَغِبا في الرَّهنِ أنشآه مِنْ جَديدٍ.

وذلك لأنَّ الرَّهنَ مِنَ التَّصرُّفاتِ الشَّرعيَّةِ الإنشائيةِ، والإكراهَ عليها يُؤثِّرُ فيها ويُذهِبُ أثَرَها (٢).


(١) «المغني» (٤/ ٢١٦)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٠٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٧٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٣٧)، و «الروض المربع» (٢/ ١٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٩٠).
(٢) «مغني المحتاج» (٣/ ٣٩)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٢٧١، ٢٧٢)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٦٥٩)، و «الديباج» (٢/ ١٧٥)، و «حاشية إعانة الطالبين» (٢/ ١٠٦)، و «حاشية البيجوري» (١/ ٧٨٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٠٨)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>