للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه تَغريرٌ بالمُشتَري؛ فإنَّه عَسَى أنْ لو عَلِمَ أنَّ بَعضَ ما تَحلَّتْ به لِأجْلِ الصِّناعةِ لا يَرغَبُ فيه؛ لعَدمِ رَغبَتِه في ذلك، فأشبَهَ ما يَنقُصُه الحَيَوانُ في مُؤنَتِه وكِسوَتِه، وعلى المُبتاعِ في خَزنِه.

قالَ ابنُ قُدامةَ : ويُحتمَلُ أنْ يَجوزَ فيما استَأجَرَ عليه أنْ يَضُمَّ الأُجرةَ إلى الثَّمنِ ويَقولَ: تَحصَّلتْ علَيَّ بكذا؛ لأنَّه صادِقٌ، وبه قالَ الشَّعبيُّ والحَكَمُ والشافِعيُّ.

فأمَّا الأدويةُ والمُؤنةُ والكِسوةُ وعَمَلُه في السِّلعةِ بنَفْسِه أو عَمَلِ غيرِه له بغيرِ أجْرِه، فإنَّه لا يُخبِرُ بذلك في الثَّمنِ وَجهًا واحِدًا، وإنْ أخبَرَ بالحالِ على وَجْهِه فحَسَنٌ (١).

ما يَجِبُ بَيانُه في المُرابَحةِ وأخَواتِها وما لا يَجِبُ:

وأمَّا بَيانُ ما يَجِبُ بَيانُه في المُرابَحةِ وما لا يَجِبُ فالأصلُ فيه أنَّ بَيعَ المُرابَحةِ والتَّوليةِ بَيعُ أمانةٍ؛ لأنَّ المُشتَريَ ائتَمَنَ البائِعَ في إخبارِه عن الثَّمنِ الأوَّلِ مِنْ غيرِ بَيِّنةٍ ولا استِحلافٍ فتَجِبُ صيانَتُها عن الخيانةِ وعَن سَبَبِ الخيانةِ والتُّهمةِ؛ لأنَّ التَّحرُّزَ عن ذلك كُلِّه واجِبٌ ما أمكَنَ، قالَ اللَّهُ وعَزَّ شَأنُه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧)[الأنفال: ٢٧]، وقالَ النَّبيُّ : «مَنْ غَشَّنا فليسَ مِنَّا» (٢)، والِاحتِرازُ عن الخيانةِ وعن شُبهةِ الخيانةِ والتُّهمةِ إنَّما


(١) «المغني» (٤/ ١٣١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٧٠، ٢٧١).
(٢) رواه مسلم (١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>