الأحَقُّ بدَفنِ الميِّتِ:
ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ إلى أنَّ الأَوْلى أنْ يَتولَّى الدَّفنَ الرِّجالُ، سَواءٌ كانَ الميِّتُ رَجلًا أو امرأةً، فأمَّا المَرأةُ فأَوْلى الناسِ بإِدخالِها قَبْرَها مَحارِمُها، وهو مَنْ كانَ يَحِلُّ له النَّظرُ إليها في حَياتِها، ولها السَّفرُ معه؛ لِما رَوى عبدُ الرَّحمنِ بنُ أَبي أبزَى قالَ: «ماتَتْ زَينَبُ بِنتُ جَحشٍ وكبَّرَ عليها عمرُ أربَعًا، ثُم سأَلَ أَزواجَ النَّبيِّ ﷺ مَنْ يُدخِلُها قَبرَها؟ فقُلنَ: مَنْ كانَ يَدخُلُ عليها في حَياتِها» (١).
ولأنَّ مَحارِمَها أَوْلى الناسِ بوِلايَتِها في الحَياةِ، فكذلك بعدَ المَوتِ.
فإذا كانَ زَوجُها حاضِرًا فكذلك عندَ أَبي حَنيفةَ وأحمدَ في رِوايةٍ -أي أنَّ مَحارِمَها أحَقُّ مِنْ زَوجِها-؛ لِما رُويَ أنَّه لمَّا تُوفِّيت امرأةُ عُمرَ ﵁ قالَ لِأهلِها: «أنتُم أحَقُّ بها»، ولأنَّ الزَّوجَ قد زالَت زَوجيَّتُه بمَوتِها ولأنَّ القَرابةَ باقيةٌ.
وذهَبَ مالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ زَوجَها أحَقُّ بدَفنِها مِنْ مَحارمِها؛ لأنَّه أَوْلى بغُسلِها مِنْ وَليِّها، فكانَ أَوْلى بإدخالِها قَبْرَها، ولقَولِ النَّبيِّ ﷺ لِعائِشةَ ﵂: «ما ضرَّكِ لو مِتِّ قَبلي فغسَّلتُكِ
(١) حَديثٌ صَحيحٌ: أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٢٩٤)، والطحاوي (٣/ ٣٠٤، ٣٠٥)، وابن سعد (٨/ ١١١، ١١٢)، والبيهقي (٤/ ٣٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute