اختَلفَ الفُقهاءُ هل يَجِبُ التَّتابعُ في صَومِ كَفارةِ اليَمينِ -وهي الأَيامُ الثَّلاثةُ- أو لا يَجبُ ويُستَحبُّ فقط؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيُّ في قَولٍ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَجبُ التَّتابُعُ في صَومِ كَفارةِ اليَمينِ، فلو فرَّقَ الصَّومَ لا يَجوزُ؛ لقِراءةِ عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ:(ثَلاثةِ أيامٍ مُتَتابِعاتٍ)، وقِراءَتُه مَشهورةٌ فكانَت كالخبَرِ المَشهورِ، وكذلك ورَدَ في قِراءةِ أُبَيٍّ، وهُما تَكفيانِك، وهو -وإنْ لم يَثبُتْ كَونُه قُرآنًا لعَدَمِ تَواتُرِه- لا أقَلَّ مِنْ أنْ يُنزَلَ مَنزِلةَ خَبَرِ الآحادِ، على أنَّهما سَمِعاه مِنْ النَّبيِّ ﷺ على سَبيلِ التَّفسيرِ، فظَنَّاه قُرآنًا، وإذا فهو حُجةٌ يَجِبُ المَصيرُ إليه.
وعلى هذا يَخرُجُ ما إذا أفطَرَ في خِلالِ الصَّومِ أنَّه يَستَقبِلُ الصَّومَ سَواءٌ أفطَرَ لغَيرِ عُذرٍ أو لعُذرِ مَرَضٍ أو سَفَرٍ لفَوتِ شَرطِ التَّتابُعِ عندَ الحَنفيةِ، وهو قَولٌ للحَنابِلةِ.
والقَولُ الثانِي عندَ الحَنابِلةِ -وهو الصَّحيحُ عندَهم- أنَّه لا يَستقبِلُ كما لو أفطَرَ في كَفارةِ الظِّهارِ (١).
(١) «التجريد الضروري» (١٢/ ٦٤٢٩)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ١١١)، و «الاختيار» (٤/ ٥٧، ٥٨)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٢٧، ٢٨)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٣٢٩، ٣٣٠)، و «البيان» (١٠/ ٥٩١، ٥٩٢)، و «الإفصاح» (٢/ ٣٨٣، ٣٨٤)، و «المغني» (١٠/ ١٥)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٢٨).