الزَّوجُ إذا قالَ لزَوجتِه:«إنْ خرَجتِ إلا بإِذنِي أو بغيرِ إِذنِي فأنتِ طالِقٌ» أو قالَ: «إنْ خرَجتِ إلا أنْ آذنَ لك أو حتى آذنَ لك أو إلى أنْ آذنَ لكِ» فالحُكمُ في هذه الأَلفاظِ الخَمسةِ أنَّها متى خَرجَت بغيرِ إِذنِه طلقَت وانحَلَّت يَمينُه؛ لأنَّ حَرفَ «أن» لا يَقتَضي تَكرارًا فإذا حنِثَ مرَّةً انحَلَّت كما لو قالَ: «أنتِ طالقٌ إنْ شِئتِ» وإنْ أذِنَ لها فخَرجَت لَم يَحنثْ بلا رَيبٍ؛ لعَدمِ المُخالَفةِ، وهذا مَحلُّ اتِّفاقٍ بينَ الفُقهاءِ (١).
وأما لو أذِنَ لها ثم خَرجَت بإذنِه ثم خَرجَت بعدَ ذلك بغيرِ إذنِه هل تَطلقُ أو لا؟ فهذا لا يَخلو مِنْ ثَلاثةِ أَقسامٍ:
القِسمُ الأَولُ: ما اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّها تَنعَقدُ على مَرةٍ واحِدةٍ، ولا تُوجبُ التَّكرارَ، وذلك لَفظَتا «إلى» و «حتى». فإذا قالَ لها:«أنتِ طالقٌ إنْ خرَجتِ إلى أنْ آذنَ لك، أو حتى آذنَ لك»، فتَنعقِدُ يَمينُه على خُروجِها مَرةً واحِدةً بإذنِه، فإن خَرجَت مَرةً واحِدةً بإذنِه برَّ، وانحَلَّت يَمينُه ولا يَحنَثُ، وإنْ خرَجَت بعدَ ذلك بغيرِ إذنهِ.
والقِسمُ الثانِي: ما اتَّفَقوا على أنَّها تَنعقِدُ على التَّكرارِ في البِرِّ والحِنثِ، وهي لَفظةٌ واحِدةٌ، وذلك قولُه:«كُلَّما دَخلتِ الدارَ بغيرِ إذني، فأنتِ طالقٌ».
(١) «المبسوط» (٨/ ١٧٣)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٣٩١)، و «المغني» (١٠/ ٤٦)، و «الكافي» (٤/ ٤٠٧)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٤٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٥٤، ٣٥٥).