للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ الثانِيةُ: قَدرُ تَعريفِ اللُّقطةِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّ اللُّقطةَ إذا كانَت ذا بالٍ ولها قِيمةٌ تَبلغُ عَشرةَ دَراهمَ فصاعِدًا وجَبَ تَعريفُها حَولًا كامِلًا لخَبَرِ الصَّحيحينِ عن زَيدِ بنِ خالدٍ الجُهنِيِّ قالَ: جاءَ رَجلٌ إلى رَسولِ اللهِ فسأَلَه عن اللُّقطةِ فقالَ: «اعرِفْ عِفاصَها ووِكاءَها ثُم عرِّفْها سَنةً فإنْ جاءَ صاحِبُها وإلا فشَأنَك بها»، قالَ: فضالَّةُ الغَنمِ، قالَ: «هي لك أو لأَخيك أو للذِّئبِ»، قالَ فضالَّةُ الإِبلِ قالَ: «ما لك ولها معَها سِقاؤُها وحِذاؤُها تَرِدُ الماءَ وتَأكلُ الشَّجرَ حتى يَلقاها رَبُّها» (١).

فالنَّبيُّ أمَرَه بعامٍ واحِدٍ، ولأنَّ السَّنةَ لا تَتأخرُ عنها القَوافلُ ويَمضِي فيها الزَّمانُ الذي تُقصَدُ فيه البِلادُ مِنْ الحَرِّ والبَردِ والاعتِدالِ فصَلُحَت قَدرًا كمُدةِ أَجلِ العِنِّينِ.

ولأنَّ مَنْ ضاعَ مِنه شيءٌ .. ربَّما لَم يَتمكنْ مِنْ طَلبِه في الحالِ لشُغلٍ، أو لأنَّه لَم يَعلمْ إلا بعدَ زَمنٍ، أو لبُعدِه عن المَوضعِ الذي ضاعَ فيه، فلَم يَكنْ بدٌّ مِنْ مُدةٍ، فقُدِّرَت بسَنةٍ؛ لأنَّه يَمرُّ فيها الفُصولُ الأَربعةُ، ولأنَّ الغالِبَ ممَّن ضاعَ مِنه شيءٌ أنَّه يَتمكنُ مِنْ طَلبِه في سَنةٍ، فإذا لَم يوجَدْ له مالِكٌ .. فالظاهِرُ أنَّه لا مالِكَ له.


(١) أخرجه البخاري (٢٢٩٧)، ومسلم (١٧٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>