عادةً فتَقَعُ الحاجةُ إلى استِدراكِ الغَلَطِ فيه فيُقبَلُ إذا لم يَكنْ مُتَّهَمًا فيه، وهو غيرُ مُتَّهَمٍ في الزِّيادةِ على المُقَرِّ به فتُقبَلُ منه (١).
ثانيًا: تَعليقُ الإِقرارِ على مَشيئةِ اللهِ ﷾ أو مَشيئةِ فُلانٍ:
ذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ وابنُ عَبدِ الحَكَمِ وابنُ المَوازِ مِنْ المالِكيةِ إلى أنَّه لا يَصحُّ تَعليقُ الإِقرارِ على المَشيئةِ، فإذا قالَ:«له علَيَّ ألفٌ إنْ شاءَ اللَّهُ» لم يَكنْ مُقِرًّا؛ لأنَّ مَشيئةَ اللهِ رافِعةٌ لحُكمِ ما نِيطَ بها؛ لأنَّ تَعليقَ مَشيئةِ اللهِ ﵎ بكَونِ الألفِ في الذِّمةِ أمرٌ لا يُعرَفُ، فإنْ شاءَ كانَ وإنْ لم يَشأْ لم يَكُنْ، فلا يَصحُّ الإِقرارُ مع الاحتِمالِ، ولأنَّ الإِقرارَ إِخبارٌ عن كائِنٍ.
وذهَبَ أكثَرُ المالِكيةِ والحَنابِلةِ إلى أنَّه إذا علَّقَ الإِقرارَ بمَشيئةِ اللهِ سُبحانَه، فقالَ:«لفُلانٍ علَيَّ مِئةُ دينارٍ إنْ شاءَ اللَّهُ»، فإنَّ هذا التَّقييدَ بالمَشيئةِ لا يُؤثِّرُ، ويَلزَمُ المُقِرَّ مِئةُ دينارٍ، ولا يُسقِطُ عنه قَولَه -عُقَيبَ الإِقرارِ-: «إنْ شاءَ اللَّهُ».
حتى إنَّ ابنَ سحنُونٍ ذكَرَ أنَّ أَصحابَنا أجمَعوا على ذلك.
واختَلَفوا فيما لو عَلَّقَ الإِقرارَ على مَشيئةِ فُلانٍ، فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه إذا علَّقَ الإِقرارَ بمَشيئةِ فُلانٍ لا يَصحُّ الإقرارُ، ولا يَلزَمُه شَيءٌ؛ لأنَّه علَّقَه على شَرطٍ يُمكِنُ عِلمُه، فلم يَصِحَّ.
(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢١٢)، و «مختصر اختلاف العُلماء» (٤/ ٢٢٠)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٢٣).