وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ إلى أنَّ الوَصيةَ يَملكُها الوَرثةُ دونَ المُوصَى له؛ لأنَّها تَكونُ مِيراثًا.
قالَ الشافِعيةُ: لحُدوثِ المِلكِ بقَبولِهم فعلى هذا: لو كانَت الوَصيةُ مالًا: لم يَقضِ منها دُيونَ المُوصَى له ولا تَنفُذُ منها وَصيتُه (١).
ولم أقِفْ للمالِكيةِ والحَنابِلةِ على نَصٍّ صَريحٍ في هذا؛ فإنَّهم يَقولونَ: يَقومُ وارِثُه مَقامَه في القَبولِ والرَّدِّ ولم يَذكُروا هل يُقضَى منه دَينُ المُوصَى له أو لا.
إذا قبِلَ بعضُ الوَرثةِ ورَدَّ بعضُهم:
تقدَّمَ أنَّ الوَرثةَ إذا لم يَقبَلوا الوَصيةَ بطَلَت، وإنْ قبِلوها لا تخلو من حالتَينِ:
الحالةُ الأُولى: أنْ يَقبَلوها جَميعًا: فهذا لا خِلافَ فيه أنَّ الوَصيةَ صَحيحةٌ عندَ مَنْ يَقولُ: إنَّ القَبولَ للوَرثةِ.
الحالةُ الثانيةُ: أنْ يَقبلَ بعضُهم ويَردَّ بعضٌ: فمَن قبِلَ منهم فله حُكمُه من لُزومِ الوَصيةِ في نَصيبِه.
ومَن رَدَّ منهم فله حُكمُه من سُقوطِ حَقِّه من نَصيبِه وعَودِه لوَرثةِ المُوصي، وهذا تَفصيلُ مَذهبِ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ.
(١) «الأم» (٤/ ٩٧)، و «البيان» (٨/ ١٧٥، ١٧٦)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٢٥٨، ٢٥٩)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٤١٤)، و «تحفة الفُقهاء» (٣/ ٢٠٦، ٢٠٧)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٨٠).