للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ المالِكيةَ قالُوا: ومَن أكرَهَ غيرَه على قتلِ رَجلٍ ظُلمًا فإنْ كانَ المأمورُ ممَّن يُمكِنُه مخالَفةُ الأمرِ ولا تَلزمُه طاعتُه قُتلَ المأمورُ المباشِرُ للقتلِ، وإنْ كانَ مُكرِهًا لا يُمكِنُه مُخالَفتُه كالسُّلطانِ الذي يَخافُ مَنْ يُخالِفُه أنْ يَقتلَه أو يَجريَ عليهِ مَكروهٌ لمخالَفتِه قُتِلَا جميعًا، ودَليلُنا على وُجوبِ قتلِ المُباشِرِ أنه قاتِلٌ لغَيرِه ظُلمًا، فوجَبَ أنْ يُقادَ به، أصلُه غيرُ المُكروهِ، ودَليلُنا على وُجوبِ قتلِ المُكرِهِ إذا كانَت تَلزمُه طاعتُه إذا اضطرَّهُ إلى قَتلِ غيرِه ظُلمًا وأنه ألجَأَ إلى قَتلِه، فوجَبَ أنْ يتعلَّقَ الحُكمُ بالقتلِ كالشاهِدينِ زُورًا بالقتلِ.

ودليلُنا على وُجوبِ قتلِ المباشِرِ إذا كانَ لا يُمكِنُه المُخالَفةُ أنه قتَلَه لاستِبقاءِ نَفسِه منه ظُلمًا، فأشبَهَ إذا جاعَ فقتَلَه وأكَلَه.

ودَليلُنا على أنَّ الآمِرَ إذا كانَ ممَّن لا يَلزمُ المأمورَ طاعتُه ولا قوَدَ عليهِ أنه لم يَكنْ منه إلجاؤُه إلى قَتلِه كالدالِّ (١).

إذا أُكرِهَ الصبيُّ على قَتلِ غيرِه:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أَكرَهَ رجلٌ صَبيًّا أو مَجنونًا على قَتلِ غَيرِه أو اشتَركَ صبيٌّ وعاقِلٌ في قَتلِ إنسانٍ عَمدًا أو خَطأً، هل يُقتَصُّ مِنْ الآمِرِ أو المكرَهِ أم لا؟ وهل إذا وجبَتِ الدِّيةُ أو نِصفُها على الصَّبيِّ تكونُ في مالِهِ أم على عاقِلتِه؟


(١) «المعونة» (٢/ ٢٥٧)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ١٨٧، ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>