للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ الرِّفعةِ: «ولعلَّه إذا علِمَ به الإِمامُ وإلا لزِمَه إِعلامُه وعلى هذا يُستحبُّ بَذلُ المالِ ولا يَجبُ».

وهذا كلُّه إذا لمْ يُعرضْ عليه فإنْ عُرضَ عليه؛ لزِمَه القَبولُ بلا خِلافٍ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: مَنْ يَصلحُ للقَضاءِ ولا يُوجدُ سِواه فهذا يَتعينُ عليه؛ لأنَّه فَرضُ كِفايةٍ لا يَقدرُ على القيامِ به غيرُه فيَتعينُ عليه كغَسلِ المَيتِ وتَكفينِه.

قالَ ابنُ قُدامةَ : «وقد نُقلَ عن أَحمدَ ما يَدلُّ على أنَّه لا يَتعينُ عليه، فإنَّه سُئلَ هل يَأثمُ القاضِي إذا لمْ يُوجدْ غيرُه؟ قالَ: لا يَأثمُ. فهذا يَحتملُ أنَّه يُحملُ على ظاهرِه في أنَّه لا يَجبُ عليه لمَا فيه مِنْ الخَطرِ بنَفسِه، فلا يَلزمُه الإِضرارُ بنَفسِه لنَفعِ غيرِه، ولذلك امتَنعَ أَبو قِلابةَ منه وقد قيلَ له ليسَ غيرُك.

ويُحتملُ أنْ يُحملَ على مَنْ لمْ يُمكنْه القيامُ بالواجبِ لظُلمِ السُّلطانِ أو غيرِه، فإنَّ أَحمدَ قالَ: لا بدَّ للناسِ مِنْ حاكمٍ، أتَذهبُ حُقوقُ الناسِ؟!» (٢).

الحُكمُ الثانِي: مَنْ يَستحبُّ له القَضاءُ:

نصَّ الفُقهاءُ على أنَّ القَضاءَ يُستحبُّ لبعضِ الناسِ، فعندَ الحَنفيةِ قالوا: «يُستحبُّ أنْ يَتولى القَضاءَ إذا وُجدَ مَنْ يَصلحُ للقَضاءِ، لكنْ هو أَصلحُ وأَقومُ به» (٣).


(١) «البيان» (١٣/ ١١، ١٢)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ١٣٨)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٨٤)، و «تحفة المحتاج» (١٢/ ٧٣، ٧٤).
(٢) «المغني» (١٠/ ٩)، و «كشاف القناع» (٦/ ٣٦٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٤٦٣).
(٣) «الاختيار» (٢/ ٩٧، ٩٨)، و «الفتاوى الهندية» (٣/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>