للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا الإِجماعُ: فقد ثبَتَ -بيَقينٍ لا شَكَّ فيه- اتِّفاقُ جَميعِ المُسلِمينَ على وُجوبِ الزَّكاةِ في البَقرِ، نقَلَ الإِجماعَ على ذلك خَلائِقُ منهم ابنُ المنذِرِ وابنُ هُبيرةَ وابنُ قُدامةَ وأبو عُبيدٍ وغَيرُهم، لم يُخالِفْ في ذلك أحَدٌ في عَصرٍ من العُصورِ؛ لأنَّها أحَدُ أَصنافِ بَهيمةِ الأَنعامِ؛ فوجَبَت الزَّكاةُ في سائمَتِها كالإبلِ والغَنمِ (١)، وإنَّما وقَعَ الخِلافُ في تَحديدِ النِّصابِ ومِقدارِ الواجِبِ كما سيَأتي.

نِصابُ البَقرِ وما يَجبُ فيها:

اتَّفقَ الأئِمَّةُ الأربَعةُ على أنَّ النِّصابَ الأولَ في البَقرِ ثَلاثونَ، وأنَّه إذا بلَغَها ففيها تَبيعٌ أو تَبعيةٌ (٢) فإذا بلَغَت أربَعينَ ففيها مُسِنَّةٌ (٣).

واحتَجُّوا على ذلك بحَديثِ مُعاذٍ قالَ: «بعَثَني النَّبيُّ إلى اليَمنِ فأمَرَني أنْ آخُذَ من كلِّ ثَلاثِينَ بَقرَةً تَبيعًا أو تَبيعَةً، ومِن كلِّ أربَعينَ مُسنَّةً» (٤).

ثم اختلَفوا: فقالَ مالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ: ثم لا شَيءَ فيها سِوى مُسِنَّةٍ إلى تِسعٍ وخَمسينَ، فإذا بلَغَت سِتِّينَ ففيها تَبيعانِ إلى تِسعٍ وسِتِّينَ، فإذا بلَغَت سَبعينَ ففيها تَبيعٌ ومُسنَّةٌ، فإذا بلَغَت ثَمانينَ ففيها مُسنَّتانِ، وفي تِسعينَ


(١) «الإجماع» (٢٩)، و «المغني» (٣/ ٣٧٣)، و «الإفصاح» (١/ ٣١)، و «الأموال» (٣٧٩).
(٢) التَّبِيعُ: ما استَكمَل سنةً ودخَل في الثَّانِية، قِيل له ذلك؛ لأنَّه يَتبعُ أُمَّه.
(٣) المُسِنةُ: ما استَكمَلت سَنتينِ ودخلَت في الثَّالِثة، ولا فرضَ في البَقرِ غيرهما.
(٤) رواه أبو داود (١٥٧٦)، والترمذي (٦٢٣)، وابن ماجه (١٨٠٣)، والنسائي (٢٤٥٠)، وصحَّحه الألبانِيُّ في «صحيحِ أبي داود» (١٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>