للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الشَّرعِ، لم يتشعَّب أصلٌ في التَّكاليفِ تشعُّبَه ولم يتهذَّب بالمباحِثِ قُطبٌ من أَقطابِ الدِّينِ تهذُّبَه، والسَّببُ فيه أنَّه من أعظمِ شَعائرِ الإسلامِ، والنَّاسُ -على تاراتِهم وتبايُنِ طبقاتِهم- مُواظِبونَ على وَظائفِ الصَّلواتِ، مُثابِرونَ على رِعايَةِ الأوقاتِ، باحِثونَ عمَّا يتعلَّقُ بها من الشَّرائطِ والأركانِ والهَيئاتِ؛ فهي لذلِك لا تدرسُ على مرِّ الدُّهورِ، ولا يُمحقُ ذكرُ أُصولِها عن الصُّدورِ (١).

حكمُ تاركِ الصَّلاةِ:

قالَ الإمامُ ابنُ القِّيمِ : لا يختلِفُ المُسلِمونَ على أنَّ تَركَ الصَّلاةِ المَفروضَةِ عَمدًا من أعظمِ الذُّنوبِ وأكبَرِ الكَبائرِ، وأنَّ إثمه عندَ اللهِ أعظمُ من إثمِ قَتلِ النَّفسِ وأخذِ الأموالِ، ومن إثمِ الزِّنا والسَّرقةِ وشُربِ الخَمرِ، وأنَّه مُتعرِّضٌ لِعُقوبَةِ اللهِ وسَخطِه وخِزيِه في الدُّنيا والآخرةِ (٢).

وتاركُ الصَّلاةِ إمَّا أن يترُكَها جاحِدًا لِوجوبِها، وإمَّا أن يترُكَها تَكاسلًا.

أَوَّلًا: أن يترُكَها جاحِدًا لوُجوبِها:

أجمعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ مَنْ وجبَت عليه الصَّلاةُ من المُخاطَبِينَ بها، ثم امتَنعَ منها جاحِدًا لوُجوبِها وفَرضيَّتِها، ولم يكن قَريبَ عَهدٍ بإسلَامٍ، فهُو كافِرٌ مُرتدٌّ ويجبُ قتلُه ردَّةً.

قالَ الإمامُ ابنُ عَبد البرِّ : أجمعَ المُسلِمونَ على أنَّ جاحِدَ فَرضِ الصَّلاةِ كافِرٌ، يُقتلُ إن لم يَتُب مِنْ كُفرِه ذلِك (٣).


(١) «غياث الأمم والتياث الظُّلم» ص (٥٢٣).
(٢) «الصَّلاة وحكم تاركها» ص (٢٩).
(٣) «الاستذكار» (٢/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>