البَيعِ، فيُقطَعُ به خِيارُهما، كما لو تَخايَرا، ويَصحُّ تَصرُّفُهما؛ لأنَّ قَطعَ الخيارِ حصَل بالإذْنِ في البَيعِ، فيقعُ البَيعُ بعدَ انقِطاعِ الخيارِ.
وإنْ تَصرَّفَ البائِعُ بإذْنِ المُشتَري احتَمَلَ أنْ يَقَعَ صَحيحًا؛ لأنَّ ذلك دَليلٌ على فَسخِ البَيعِ، أو استِرجاعِ المَبيعِ، فيقعُ تَصرُّفُه بعدَ استِرجاعِه ويُحتمَلُ ألَّا يَصحَّ؛ لِأنَّ البائِعَ لا يَحتاجُ إلى إذْنِ المُشتَري في استِرجاعِ المَبيعِ؛ فيَصيرُ كتَصرُّفِه بغيرِ إذْنِ المُشتَري، وقد ذَكَرنا أنَّه لا يَصحُّ، كذا ههُنا.
وكُلُّ مَوضِعٍ قُلنا فيه:«إنَّ تَصرُّفَ البائِعِ لا يَنفُذُ ولكنْ يَنفَسِخُ به البَيعُ» فإنَّه مَتَى أعادَ ذلك التَّصرُّفَ، أو تَصرَّفَ تَصرُّفًا سِواه صَحَّ؛ لأنَّه يُفسَخُ البَيعُ، عادَ إليه المِلْكُ، فصَحَّ تَصرُّفُه فيه، كما لو فُسِخَ البَيعُ بصَريحِ قَولِه، ثم تَصرَّفَ فيه، وكذلك إنْ تَقدَّمَ تَصرُّفَه ما يَنفسِخُ به البَيعُ صَحَّ تَصرُّفُه؛ لِما ذَكَرنا (١).
٣ - مَوتُ صاحِبِ الخيارِ:
اختلَف الفُقهاءُ فيما إذا ماتَ مَنْ له الخيارُ، هل يَبطُلُ خيارُه بمَوتِه أو يَنتقِلُ إلى الوارِثِ؟
فذهَب المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ وقَولٌ مُخرَجٌ عندَ الحَنابِلةِ إلى أنَّه إذا ماتَ مَنْ له الخيارُ انتَقلَ الخيارُ إلى وارِثِه؛ لأنَّه خيارٌ ثابِتٌ في مُعاوَضةٍ مَحضةٍ؛ فقامَ الوارِثُ فيه مَقامَ المُورِّثِ، كالرَّدِّ بالعَيبِ.
(١) «المغني» (٤/ ١١، ٢٢)، ويُنظر: «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٨، ٣٩)، «الشرح الكبير» للرافعي (٤/ ١٩٣)، و «الجامع لمسائل المدونة» (١٣/ ٨٠٦، ٨١١)، و «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٥/ ٣٥، ٣٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ١١٠، ١١١)، و «الكافي» (٢/ ٤٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٣٧)، و «الإنصاف» (٤/ ٣٧٧، ٣٧٨).