للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَيعُ في المَسجِدِ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ في أنَّ المَساجِدَ يَنبَغي أنْ تُصانَ عن البَيعِ والشِّراءِ؛ لأنَّ المَساجِدَ إنَّما اتُّخِذَتْ لِذِكرِ اللَّهِ ، وتِلاوةِ القُرآنِ والصَّلاةِ، وإنَّما يَجوزُ فيها مِنْ البَيعِ والشِّراءِ وسائِرِ أُمورِ الدُّنيا ما يَكونُ بمَعنَى تَعليمِ النَّاسِ والتَّنبيهِ لَهم على الِاحتِراسِ مِنْ مُواقَعةِ الحَرامِ ومُخالَفةِ السُّنَنِ، والمَوعِظةِ في ذلك.

وقد اتَّفق العُلماءُ على أنَّ غيرَ المُعتكِفِ مَنهيٌّ عن البَيعِ والشِّراءِ في المَسجِدِ؛ لِحَديثِ أبي هُريرةَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ قالَ: «إذا رَأيتُم مَنْ يَبيعُ أو يَبتاعُ في المَسجِدِ فقولوا: لا أربَحَ اللَّهُ تِجارَتَكَ. وإذا رَأيتُم مَنْ يَنشُدُ فيه الضَّالَّةَ فقولوا: لا رَدَّها اللَّهُ عليكَ» (١).

وعن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ عن أبيه عن جَدِّه قالَ: نهَى رَسولُ اللَّهِ عن الشِّراءِ والبَيعِ في المَسجِدِ، وأنْ تُنشَدَ فيه الأشعارُ، وأنْ تُنشَدَ فيه الضَّالَّةُ، وعنِ الحَلقِ يَومَ الجُمُعةِ قبلَ الصَّلاةِ» (٢).

إلَّا أنَّ العُلماءَ اختَلَفوا في هذا النَّهيِ، هل هو نَهيُ كَراهةٍ أو نَهيُ تَحريمٍ؟

فذهَب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى كَراهةِ البَيعِ والشِّراءِ في المَسجِدِ لِغيرِ المُعتكِفِ، ولا يَحرُمُ؛ لِلعُموماتِ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الترمذي (١٣٢١)، والنسائي في «الكبرى» (١٠٠٠٤)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٤٦٣)
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه الأمام أحمد (٦٦٧٦)، وأبو داود (١٠٧٩)، والنسائي (٧١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>