للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَثبُتْ إذنُ صاحِبِه فيه، ولَم يَثبُتْ ذلك لِإنكارِه، فأمَّا إنْ أقاما البَيِّنةَ فالبَيِّنةُ بَيِّنةُ المُضارِبِ في الوَجهَيْن؛ لأنَّه يُثبِتُ تَسليمَ رَبِّ المالِ والإذنَ له في العَملِ ببَيِّنةٍ.

ولو قال المُضارِبُ: «أخَذتُ منكَ هذا المالَ مُضاربةً فضاعَ قَبلَ أنْ أعمَلَ به أو بعدَما عَمِلتُ»، وقال رَبُّ المالِ: «أخَذتَه مِنِّي غَصبًا»، فالقَولُ قَولُ رَبِّ المالِ، والمُضارِبُ ضامِنٌ؛ لأنَّه أقَرَّ بالأخْذِ وهو سَببٌ مُوجِبٌ لِلضَّمانِ، ثم ادَّعى المُسقَطَ، وهو إذنُ صاحبِه، فلا يُصدَّقُ في ذلك إلا بحُجةٍ (١).

وقال المالِكيَّةُ: إذا قال العامِلُ: «المالُ بيَدي مُضاربةً أو وَديعةً»، وقال رَبُّ المالِ: «بل غَصَبتَه مِنِّي أو سَرقتَه مِنِّي»؛ فإنَّ القَولَ قَولُ العامِلِ مع يَمينِه والبَيِّنةَ على رَبِّ المالِ بأنْ يُثبِتَ ما ادَّعاه مِنَ الغَصبِ أو السَّرقةِ؛ لأنَّه مُدَّعٍ، ولأنَّ الأصلَ عَدمُ الغَصبِ والسَّرقةِ، ولو كان مِثلُه يُشبِهُ أنْ يَغصِبَ أو يَسرِقَ (٢).

٨ - الاختِلافُ في كَونِ المالِ مُضاربةً أو وَكالةً:

قال الشافِعيَّةُ: إذا اختلَف العامِلُ ورَبُّ المالِ في أصلِ المُضاربةِ فقال المالِكُ: «دَفعتُ إليكَ المالَ لِتَشتريَ لي بالوَكالةِ»، وقال العامِلُ: «بل قارَضتَني»، صُدِّقَ المالِكُ بيَمينِه؛ لأنَّ الأصلَ عَدمُ مُقابلةِ العَملِ بشَيءٍ؛ فإذا حلَف أخَذَ المالِكُ المالَ ورِبحَه ولا أُجرةَ لِلعامِلِ.


(١) «المبسوط» (٢٢/ ٩٤)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ٣٣٥).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣١١)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٣٦)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٢٣، ٢٢٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>