للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الشَّافعيُّ وأبُو حَنيفةَ ومالِكٌ وأَحمدُ والعُلماءُ كافَّةً، إلَّا ما حُكيَ عَنْ بعضِ المالِكيةِ أنَّ قِياسَ قَولِ مالِكٍ صحَّةُ الاستِثناءِ بالنِّيةِ مِنْ غيرِ لَفظٍ (١).

وقالَ القاضِي عبدُ الوَهابِ : لا يَكونُ الاستِثناءُ إلَّا نُطقًا، فإنْ نَواهُ أو عقَدَه مِنْ غيرِ نُطقٍ لَم يَنفعْه، والأصلُ فيهِ قولُه : «مَنْ حلَفَ فقالَ: «إنْ شاءَ اللهُ» رجَعَ غيرَ حانِثٍ»، وذلكَ يُفيدُ النُّطقَ؛ لأنَّه رَفعٌ لحُكمِ اليَمينِ كالكَفارةِ، ولَو نَوى أنَّ عبدَه حرٌّ عن الكَفارةِ لَم يُجزْ إلَّا أنْ يَتلفَّظَ به (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأما اشتِراطُ النُّطقِ باللِّسانِ فإنَّه اختُلفَ فيه فقيلَ: لا بدَّ فيه مِنْ اشتِراطِ اللَّفظِ أيَّ لَفظٍ كانَ مِنْ أَلفاظِ الاستِثناءِ، وسَواءٌ كانَ بأَلفاظِ الاستِثناءِ أو بتَخصيصِ العُمومِ أو بتَقييدِ المُطلَقِ هذا هو المُشهورُ.

وقيلَ: إنَّما يَنفعُ الاستِثناءُ بالنِّيةِ بغيرِ لَفظٍ في حَرفٍ إلا فَقط أيْ بما يَدلُّ عليه لَفظٌ إلا وليسَ يَنفعُ ذلك فيما سِواهُ مِنْ الحُروفِ، وهذه التَّفرقةُ ضَعيفةٌ.

والسَّببُ في هذا الاختِلافِ هو هل تَلزمُ العُقودُ اللَّازمةُ بالنِّيةِ فقط دونَ اللَّفظِ أو باللَّفظِ والنِّيةِ معًا مثلَ الطَّلاقِ والعِتقِ واليَمينِ وغيرِ ذلك (٣).

الشرطُ الثالِثُ: أنْ يُقصدَ الاستِثناءُ قبلَ الفَراغِ مِنْ اليَمينِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الحالِفِ إذا حلَفَ ثم بعدَ فَراغِه مِنْ اليَمينِ استَثنَى


(١) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١١٩، ١٢٠).
(٢) «المعونة» (١/ ٤١٩)، وينظر: «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٢)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٢٨٢٥)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٥٥)، و (٤/ ٥٣، ٥٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٠٤)، و (٣/ ٢٨٣)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٤٦٤).
(٣) «بداية المجتهد» (٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>