قالَ ابنُ رُشدٍ ﵀: واتَّفقَ الجُمهورُ على أنَّ الأفعالَ التي هذه الطَّهارةُ شَرطٌ في صِحتِها هي الأَفعالُ التي الوُضوءُ شَرطٌ في صِحتِها من الصَّلاةِ ومَسِّ المُصحفِ وغيرِ ذلك.
واختَلَفوا هل يُستباحُ بها أكثَرُ من صَلاةٍ واحِدةٍ فقط؟ فمَشهورُ مَذهبِ مالِكٍ أنَّه لا يُستباحُ بها صَلاتانِ مَفروضَتانِ أبَدًا واختَلفَ قَولُه في الصَّلاتَينِ المَقضيَّتينِ والمَشهورُ عنه أنَّه إذا كانَت إحدَى الصَّلاتَينِ فَرضًا والأُخرى نَفلًا أنَّه إنْ قدَّمَ الفَرضَ جمَعَ بينَهما، وإنْ قدَّمَ النَّفلَ لم يَجمعْ بينَهما.
وذهَبَ أبو حَنيفةَ إلى أنَّه يَجوزُ الجَمعُ بينَ صَلواتٍ مَفروضةٍ بتَيممٍ واحِدٍ، وأصلُ هذا الخِلافِ هو هل التَّيممُ لكلِّ صَلاةٍ أو لا، إمَّا من قِبَلِ ظاهِرِ الآيةِ كما تقدَّمَ وإمَّا من قِبَلِ وُجوبِ تَكرارِ الطَّلبِ وإمَّا من كلَيهما (١).
الرُّكنُ الثاني: مَسحُ الوَجهِ واليَدينِ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ مَسحَ الوَجهِ واليَدينِ من أَركانِ الوُضوءِ وفُروضِه؛ لقَولِه تَعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٦].
إلا أنَّهم اختَلَفوا في قَدرِ الواجِبِ من اليَدينِ:
فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والمالِكيةُ في قَولٍ إلى أنَّ الواجِبَ في اليَدينِ مَسحُهما إلى المِرفَقينِ على وَجهِ الاستِيعابِ كالوُضوءِ لقيامِ التَّيممِ مَقامَ الوُضوءِ؛ فإنَّ اللهَ تَعالى أمَرَ بغَسلِ اليَدِ إلى المِرفقِ في الوُضوءِ، وقالَ في آخِرِ