للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ مُحمدُ بنُ الحَسَنِ : فليس المُقيمُ بها أحَقَّ بالمَنزِلِ مِنْ القادِمِ عليها، انتَهَى، وقالَ العَيْنِيُّ في شَرحِه على البُخارِيِّ: ومِمَّن ذَهَبَ إلى عَدَمِ جَوازِ بَيعِ دُورِ مَكةَ وإجارَتِها أبو حَنيفَةَ، ومُحمدٌ، والثَّوريُّ … (١).

الشَّرطُ السابِعُ: ألاًّ تَكونَ قُربةً:

القُرَبُ نَوعانِ: قُرَبٌ تَجِبُ على الإنسانِ، ولا يَتعدَّى نَفْعُها فاعِلَها؛ كالصَّلاةِ والصِّيامِ، فهذه لا يَجوزُ أخْذُ الأجْرِ عليها بلا خِلافٍ بينَ العُلماءِ؛ لأنَّ الأجْرَ عِوَضُ الِانتِفاعِ، ولَم يَحصُلْ لِغَيرِه ههُنا انتِفاعٌ؛ ولأنَّ مَنْ أتَى بعَملِ واجِبٍ عليه لا يَستَحقُّ عليه أُجرةً، وكذلك الجِهادُ لا يَجوزُ أخْذُ الأُجرةِ عليه؛ لأنَّه يَقَعُ عَنهُ؛ ولأنَّه إذا حَضَرَ الصَّفَّ تَعيَّنَ عليه، وهذا باتِّفاقٍ.

وأمَّا القُرَبُ التي يَتعدَّى نَفْعُها؛ كَتَعليمِ القُرآنِ والأذانِ والإقامةِ والحَجِّ وتَعليمِ القُرآنِ وتَغسيلِ المَوتَى وتَكفينِهم؛ فاختَلفوا فيها هَلْ يَجوزُ أخْذُ الأُجرةِ عليها أو لا؟ على تَفصيلٍ في كلِّ مَذهَبٍ، وفي كلِّ مَسألةٍ، ونَحنُ نُبَينها في عِدَّةِ مَسائِلَ، وهي على التَّفصيلِ التَّالي:

المَسألةُ الأُولَى: أخْذُ الأُجرةِ على تَعليمِ القُرآنِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ أخْذِ الأُجرةِ على تَعليمِ القُرآنِ على ثَلاثةِ أقوالٍ: بعدَ إجماعِهم على أنَّ الأفضَلَ تَركُ أخْذِ الأُجرةِ على تَعليمِ القُرآنِ وسائِرِ القُرَبِ (٢).


(١) «الفروق مع هوامشه» (٤/ ١٢، ١٥)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٢٢)، و «عمدة القاري» (٩/ ٢٢٨).
(٢) «الذخيرة» (٥/ ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>