للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلَ دِينِهم هو الإيمانُ، ولكنْ هم كفَرُوا مُبتدعِينَ الكفرَ كما قالَ تعالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١)[النساء: ١٥٠] (١).

نِكاحُ الحَربيةِ الكِتابيةِ:

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى جَوازِ نكاحِ الكِتابيةِ الحَربيةِ؛ اعتبارًا بالكِتابِ لا بالدارِ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: ٥]، ولم يُفرِّقْ فيه بينَ الحَربيَّاتِ والذمِّياتِ، وغيرُ جائزٍ تَخصيصُه بغيرِ دَلالةٍ، ولأنَّ الحرِّيةَ في إباحتِهنَّ الكتابُ دونَ الدارِ، ولأنه لمَّا جازَ وَطؤُهنَّ بالسَّبيِ فأَولى أنْ يجوزَ وَطؤُهنَّ بالنكاحِ، ولأنَّ مَنْ حَلَّ نكاحُها في دارِ الإسلامِ حَلَّ نكاحُها في دارِ الحربِ كالمُسلمةِ.

وأمَّا قولُه تعالَى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩] لا تعلُّقَ له بجَوازِ النكاحِ ولا فسادِه، ولو كانَ وُجوبُ القِتالِ علَّةً لفسادِ النكاحِ لَوجَبَ أنْ لا يَجوزَ نكاحُ نِساءِ الخَوارجِ وأهلِ البغيِ؛ لقولِه تعالَى: ﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الحجرات: ٩]، فبانَ بما وصَفْنا أنه لا تأثيرَ لوُجوبِ القتالِ في إفسادِ النكاحِ.


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ١٨٧)، وما بعدَها، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>