للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الأثرَمُ : سَمِعُتُ أبا عَبدِ اللَّهِ يَسألُ عن الذين يُكرُونَ المِظَلَّ أوِ الخَيمةَ إلى مَكَّةَ، فيَذهَبُ مِنْ المُكتَرِي بسَرَقٍ أو بذَهابٍ، هَلْ يَضمَنُ؟ قالَ: أرجُو ألَّا يَضمَنَ، وكَيفَ يَضمَنُ إذا ذَهَبَ؟ لا يَضمَنُ، ولا نَعلَمُ في هذا خِلافًا؛ وذلك لأنَّه قَبَضَ العَينَ لِاستِيفاءِ مَنفَعةٍ يَستَحقُّها مِنها، فكانَتْ أمانةً … وإنْ كانَتِ الإجارةُ فاسِدةً لَم يَضمَنِ العَينَ أيضًا إذا تَلِفَتْ بغَيرِ تَفريطٍ ولا تَعَدٍّ؛ لأنَّه عَقدٌ لا يَقتَضي الضَّمانَ صَحيحُه، فلا يَقتَضيه فاسِدُه، كالوَكالةِ والمُضارَبةِ، وحُكمُكَ لِعَقدٍ فاسِدٍ في وُجوبِ الضَّمانِ حُكمُ صَحيحِه، فما وجبَ الضَّمانُ في صَحيحِه وجبَ في فاسِدِه، وما لَم يَجِبْ في صَحيحِه لَم يَجِبْ في فاسِدِه (١).

وقالَ ابنُ مُفلِحٍ : العَينُ المُؤجَّرةُ أمانةٌ في يَدِ مُستَأجِرِها، إنْ تَلِفَتْ بغَيرِ تَفريطٍ لَم يَضمَنْها، ولا فَرقَ بينَ الإجارةِ الصَّحيحةِ والإجارةِ الفاسِدةِ (٢).

إذا تَلِفَتِ العَينُ المُستَأجَرةُ بعدَ مدَّةِ الإجارةِ في يَدِ المُستَأجِرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إذا تَلِفَتِ العَينُ المُستَأجَرةُ بعدَ مدَّةِ الإجارةِ في يَدِه مِنْ غيرِ تَعَدٍّ ولا تَفريطٍ، وقَبلَ طَلَبِها مِنْ المُستَأجِرِ.

فذهبَ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ في الأصَحِّ، والحَنابِلةُ إلى أنَّ العَينَ المُستَأجَرةَ إذا تَلِفَتْ بعدَ انتِهاءِ المدَّةِ أوِ العَملِ وقَبلَ رَدِّها على مالِكِها بلا تَعَدٍّ


(١) «المغني» (٥/ ٣١١، ٣١٢)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٢٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٥).
(٢) «المبدع» (٥/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>