للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: «تُستأمَرُ اليتيمةُ في نَفسِها» «ولا تُنكَحُ اليتيمةُ إلا بإذنِها» يُفهَمُ منه أنَّ ذاتَ الأبِ لا تُستأمَرُ، إلا ما أجمَعَ عليه الجُمهورُ مِنْ استئْمارِ الثيِّبِ البالغِ، وعُمومُ قولِه : «الثيِّبُ أحَقُّ بنَفسِها مِنْ وَليِّها» يتناوَلُ البالغَ وغيرَ البالغِ، وكذلكَ قولُه: «لا تُنكَحُ الأيِّمُ حتَّى تُستأمَرَ» «ولا تُنكَحُ حتَّى تُستأذَنَ» يَدلُّ بعُمومِه على ما قالَه الشافعيُّ.

ولاختِلافِهم في هاتَينِ المَسألتينِ سَببٌ آخَرُ: وهو استِنباطُ القِياسِ مِنْ مَوضعِ الإجماعِ، وذلكَ أنهُم لمَّا أجمَعُوا على أنَّ الأبَ يُجبِرُ البِكرَ غيرَ البالغِ وأنه لا يُجبِرُ الثيِّبَ البالغَ -إلَّا خِلافًا شاذًّا فيهِما جَميعًا كما قُلنَا- اختَلفُوا في مُوجِبِ الإجبارِ، هل هو البَكارةُ أو الصِّغرُ؟ فمَن قالَ: «الصِّغرُ» قالَ: لا تُجبَرُ البكرُ البالغُ، ومَن قالَ: «البَكارةُ» قالَ: تُجبَرُ البكرُ البالغُ ولا تُجبَرُ الثيِّبُ الصغيرةُ، ومَن قالَ: «كلُّ واحدٍ منهُما يُوجِبُ الإجبارَ إذا انفَردَ» قالَ: تُجبَرُ البكرُ البالغُ والثيِّبُ الغيرُ البالغِ، والتَّعليلُ الأولُ تَعليلُ أبي حَنيفةَ، والثاني تَعليلُ الشافعيِّ، والثالثُ تَعليلُ مالكٍ، والأصولُ أكثَرُ شَهادةً لتَعليلِ أبي حَنيفةَ (١).

الثُّيوبةُ التي تَرفعُ الإجبارَ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الثُّيوبةَ التي تَرفعُ الإجبارَ هي الحاصِلةُ بالوَطءِ في نِكاحٍ أو في شُبهةِ نكاحٍ، فإنْ جُومِعَتْ بنكاحٍ أو بشُبهةٍ أو نكاحٍ فاسِدٍ لم


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٤، ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>