إلَّا الشَّافعي في أحَدِ قَولَيهِ: أنهُ يَجوزُ لهُ أنْ يَضربَها في أوَّلِ النُّشوزِ (١).
٦ - الضَّمانُ بضَربِ التَّأديبِ المُعتادِ للزَّوجةِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو ضرَبَ الزَّوجُ زوْجتَه الضَّربَ المُعتادَ فأدَّى إلى تلَفِها أو تَلفِ عضوٍ مِنها، هل يَضمنُها الزَّوجُ أم لا؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحنفيَّةُ والمالكيَّةُ والشَّافعيةُ إلى أنَّ الزَّوجَ إذا ضرَبَ زوْجتَه وأدَّبَها التَّأديبَ المُعتادَ فتَلفَتْ وماتَتْ أو تَلفَ عضوٌ منها ضَمنَ الزَّوجُ ولا يَكونُ دمُها هَدَرًا؛ لأنَّ الضَّربَ مُباحٌ وليسَ واجِبًا، ومَنفعةُ الضَّربِ تَرجعُ إليهِ؛ لأنهُ ضَربُ تأديبٍ وتَعزيرٍ، فيَنبغِي أنْ لا يُؤدِّيَ إلى التَّلفِ، فيَجبُ الغُرمُ؛ لأنهُ تَبيَّنَ أنه إتلافٌ لا إصلاحٌ، فيَضمنُ ما تَلفَ بالضَّربِ مِنْ نَفسٍ أو عضوٍ أو مَنفعةٍ؛ لأنَّ ضرْبَ التَّأديبِ مَشروطٌ بسَلامةِ العاقِبةِ.
قالَ الحنفيَّةُ: الزَّوجُ إذا عزَّرَ زوْجتَه بالضَّربِ فماتَتْ يَجبُ عليهِ ضمانُ الدِّيةِ، ولا يَكونُ دمُها هَدَرًا؛ لأنَّ الضَّربَ مُباحٌ ومَنفعتُه تَرجعُ إليهِ كما تَرجعُ إلى المرأةِ مِنْ وجهٍ، وهو استِقامتُها على ما أمَرَ اللهُ تعالَى بهِ.
وقد ظهَرَ بهذا أنَّ كلَّ ضَربٍ كانَ مأمورًا بهِ مِنْ جهةِ الشَّارِعِ فإنَّ الضَّاربَ لا ضَمانَ عليهِ بمَوتِه، وكلُّ ضَربٍ كانَ مأذونًا فيهِ بدُونِ الأمرِ فإنَّ الضَّاربَ يَضمنُه إذا ماتَ؛ لتَقييدِه بشَرطِ السَّلامةِ، كالمُرورِ في الطَّريقِ
(١) «الإفصاح» (٢/ ١٦١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute