للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : وأما الأنفُ فإنْ قُطعَ المارِنُ ففيه القِصاصُ بلا خِلافٍ بينَ أصحابِنا ؛ لقَولِه : ﴿وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ﴾ [المائدة: ٤٥]، ولأنَّ استِيفاءَ المِثلِ فيه مُمكنٌ؛ لأنَّ له حَدًّا مَعلومًا، وهو ما لانَ منه، فإنْ قطَعَ بعضَ المارِنِ فلا قِصاصَ فيه؛ لتعذُّرِ استِيفاءِ المِثلِ.

وإنْ قطَعَ قَصبةَ الأنفِ فلا قِصاصَ فيه؛ لأنه عَظمٌ ولا قِصاصَ في العَظمِ ولا في السنِّ؛ لِما نَذكرُ إنْ شاءَ اللهُ تعالى.

وقالَ أبو يُوسفَ: إنْ استوعبَ ففيه القِصاصُ، وقالَ مُحمدٌ: لا قِصاصَ فيه وإنِ استوعبَ، ولا خِلافَ بينَهُما في الحَقيقةِ؛ لأنَّ أبا يُوسفَ أرادَ استيعابَ المارِنِ، وفيه القِصاصُ بلا خِلافٍ، ومُحمدٌ أرادَ به استِيعابَ القصَبةِ، ولا قِصاصَ فيها بلا خِلافٍ (١).

القِصاصُ في الأُذنِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على جَريانِ القِصاصِ في الأُذنِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ﴾ [المائدة: ٤٥]، فيُؤخذُ الكَبيرُ بالصَّغيرِ، والصَّغيرُ بالكبيرِ، والغَليظُ بالدَّقيقِ، والصَّحيحُ بالمَجذومِ، والأصَمُّ بالسميعِ، والسَّميعُ بالأصمِّ، والمَثقوبُ بالصَّحيحِ، والصَّحيحُ بالمَثقوبِ؛ لأنَّ الثقبَ ليسَ بنَقصٍ في الأُذنِ، وإنما تُثقبُ للجَمالِ.

قالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : وأجمَعُوا على أنَّ … الأذنَ بالأذنِ … وأجمَعُوا على أنَّ في أطرافِ الأُذنَينِ -وهي الجِلدُ القائمُ بينَ العِذارِ


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>