العَيبِ؛ فإنِ اختلَف العامِلُ ورَبُّ المالِ في الرَّدِّ فطالَبَه أحَدُهما وأباه الآخَرُ فعَل ما فيه النَّظرُ والحَظُّ؛ لأنَّ المَقصودَ تَحصيلُ الحَظِّ فيَحتمِلُ الأمرَ على ما فيه الحَظُّ، وأمَّا الشَّريكانِ إذا اختَلَفا في رَدِّ المَعيبِ فلِطالِبِ الرَّدِّ رَدُّ نَصيبِه ولِلآخَرِ إمساكُ نَصيبِه إلا أنْ يَكونَ البائِعُ لَم يَعلَمْ أنَّ الشِّراءَ لهما جَميعًا فلا يَلزمُه قَبولُ رَدِّ بَعضِه؛ لأنَّ ظاهِرَ الحالِ أنَّ العَقدَ لِمَنْ وَليَه، فلَم يَجُزْ إدخالُ الضَّررِ على البائِعِ بتَبعيضِ الصَّفقةِ عليه، ولو أرادَ الذي وَليَ العَقدَ رَدَّ بَعضِ المَبيعِ وإمساكَ بَعضٍ كان حُكمُه حُكمَ ما لو أراد شَريكُه ذلك (١).
٩ - المُضارِبُ يَرهَنُ ويَرتَهِنُ في مالِ المُضاربةِ:
اختلَف الفُقهاءُ هل يَجوزُ لِلمُضارِبِ أنْ يَرهَنَ بالدَّينِ الذي عليه، أو بالدَّينِ الذي له، أو لا يَجوزُ؟
فذهَب الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَجوزُ لِلمُضارِبِ عندَ الحاجةِ أنْ يَرهَنَ بالدَّينِ الذي عليه، أو يَرتَهِنَ بالدَّينِ الذي له؛ لأنَّ الرَّهنَ يُرادُ لِلإيفاءِ والارتِهانِ يُرادُ لِلاستيفاءِ، وهو يَملِكُ الإيفاءَ والاستيفاءِ، فمَلَك ما يُرادُ لها؛ لأنَّ الارتِهانَ بمَنزِلةِ الاستيفاءِ، وإلى المُضارِبِ استيفاءُ الدَّينِ الواجِبِ لِلمُضارَبةِ، ولو كانت المُضاربةُ ألفَيْن واشتَرى عَبدًا بألفٍ وقَبَضه ونَقَدها ثم اشتَرى مَتاعًا بالألفٍ الأُخرى وقَبَضه على أنْ أعطاه العَبدُ بها رَهنًا فهو جائِزٌ؛ لأنَّ الرَّهنَ بمَنزِلةِ الاستيفاءِ، والدَّينُ الواجِبُ بتَصرُّفِه لِلمُضاربةِ إنَّما يَقتَضيه مِنْ مالِ المُضارَبةِ.
(١) «المغني» (٥/ ١٣، ٢٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٣).