اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إذا ماتَ المُتعاقدانِ، المُؤجِّرُ والمُستَأجِرُ، أو ماتَ أحَدُهما في أثناءِ عَقدِ الإجارةِ، هَلْ تَنفَسِخُ الإجارةُ أو تَبقَى على حالِها، ويَقومُ وارِثُ المُتوَفَّى مَقامَ مُورِّثِه؟
فذهبَ الحَنفيَّةُ إلى أنَّه إذا ماتَ أحَدُ المُتعاقدَيْنِ، المُؤجِّرُ أو المُستَأجِرُ، وقَد عَقدَ الإجارةَ لِنَفْسِه انفَسخَتْ؛ لأنَّه لَو بَقِيَ العَقدُ صارَتِ المَنفَعةُ المَملوكةُ به، أو الأُجرةُ المَملوكةُ لِغَيرِ العاقِدِ مُستَحقَّةً بالعَقدِ؛ لأنَّه يَنتقِلُ بالمَوتِ إلى الوارِثِ، وذلك لا يَجوزُ؛ لأنَّ الِانتِقالَ مِنْ المُورِّثِ إلى الوارِثِ لا يُتصوَّرُ في المَنفَعةِ والأُجرةِ المَملوكةِ؛ لأنَّ عَقدَ الإجارةِ يَنعَقِدُ ساعةً فساعةً بحَسَبِ حُدوثِ المَنفَعةِ، فإذا ماتَ المُؤجِّرُ بَطَلَتْ؛ لأنَّ المُستَحقَّ بالعَقدِ المَنافِعُ التي تَحدُثُ على مِلْكِه، وقَد فاتَ ذلك بمَوتِه؛ لأنَّ الدَّارَ تَنتقِلُ إلى وارِثِه، ومَنفعَتُها تَحدُثُ على مِلكِه، وإذا ماتَ المُستَأجِرُ لَو بَقيَ العَقدُ بعدَ مَوتِه لَبقيَ على أنْ يَخلُفَه الوارِثُ فيه، فتَكونَ المَنفَعةُ المُجرَّدةُ مَوروثةً، وهي لا تُورَثُ، ولأنَّ العَقدَ اقتَضَى استِحقاقَ الأُجرةِ مِنْ مالِه، فلَو بَقَّيْنا الإجارةَ بعدَ مَوتِه: استُحِقَّتِ الأُجرةُ مِنْ مِلكِ الآخَرينَ.
وأمَّا إذا عَقدَها لِغَيرِه، كالوَكيلِ والوَلِيِّ والوَصِيِّ والمُتوَلِّي في الوَقفِ، لَم تَنفَسِخِ الإجارةُ بمَوتِه؛ لِبَقاءِ المُستَحِقِّ والمُستحَقِّ، ولِانعِدامِ ما أشَرْنا إلَيه، وهو صَيرورةُ المَنفَعةِ لِغَيرِ العاقِدِ مُستَحقَّةً بالعَقدِ؛ لأنَّه يَنتقِلُ بالمَوتِ إلى الوارِثِ، وذلك لا يَجوزُ؛ لأنَّ الِانتِقالَ مِنْ المُورِّثِ إلى الوارِثِ لا