للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّجودُ على الأنفِ وَحدَه، فقالَ: لا أعلَمُ أحَدًا سبقَه -أي: أبا حَنيفَةَ- إلى هذا القولِ، ولَعلَّه ذَهب إلى أنَّ الجَبهةَ والأنفَ عُضوٌ واحدٌ؛ لأنَّ النَّبيَّ لمَّا ذكرَ الجَبهةَ أشارَ إلى أنفِه، والعُضوُ الواحدُ يُجزِئُه السُّجودُ على بعضِه، وهذا قَولٌ يُخالِفُ الحَديثَ الصَّحِيحَ والإجماعَ الذي قبلَه؛ فلا يَصحُّ (١).

السُّجودُ على باقي الأعضاءِ:

ذَهب الشافِعيَّةُ في الصَّحِيحِ والحَنابلَةُ إلى أنَّ السُّجودَ على باقي الأعضاءِ واجِبٌ؛ لحَديثِ ابنِ عبَّاسٍ المُتقَدِّمِ. ورَوى ابنُ عمرَ عن النَّبيِّ : «إِنَّ اليَدينِ تَسجُدَانِ كما يَسجُدُ الوَجهُ، فإذا وضعَ أحَدُكم وَجهَهُ فَليَضَع يَديهِ، وإذا رفعَ فَليَرفَعهُمَا» (٢).

قالَ ابنُ قُدامةَ : وسُجودُ الوَجهِ لا يَنفي سُجودَ ما عَداه، فإن أخَلَّ بالسُّجودِ بِعُضوٍ مِنْ هذه الأعضاءِ لم تَصحَّ صَلاتُه، وإن عجَز عن السُّجودِ على بعضِ هذه الأعضاءِ سجدَ على بَقيَّتِها، وقرَّب العُضوَ


(١) «معاني الآثار» (١/ ٣٤٤)، و «الهداية شَرح البداية» (١/ ٥٠)، و «تبيين الحقائق» (١/ ١١٧)، وابن عابدين (١/ ٤٩٩)، و «الذخيرة» (٢/ ١٩٥)، و «تفسير القرطبي» (١/ ٣٤٦)، و «الإشراف» (١/ ٨٣)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢٠٩)، و «مغني المحتاج» (١/ ١٦٩)، و «المجموع» (٣/ ٣٨٥)، و «شرح مسلم» (٤/ ١٨٦)، و «فتح الباري» (٢/ ٣٤٦)، و «المغني» (٢/ ٦٧، ٦٩)، و «الإفصاح» (١/ ١٦٩)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٣٥٠)، و «منار السبيل» (١/ ١٠٣).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٨٩٢)، والنسائي (١٠٩٢)، وابن خزيمة في «صحيحه» (١/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>