للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّها تَبرعٌ فلا تَصحُّ من ضِدِّهما، والمُرادُ: مُختارًا، فلا تَصحُّ من المُكرهِ (١).

وقالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ: تَصحُّ وَصيةُ كلِّ مُكلَّفٍ حُرٍّ مُختارٍ بالإِجماعِ؛ لأنَّها تَبرعٌ (٢).

٦ - وَصيةُ الهازِلِ والمُخطئِ:

نَصَّ الحَنفيةُ على أنَّه يُشتَرطُ في الوَصيِّ ألَّا يَكونَ هازِلًا، قالَ الإِمامُ الكاسانِيُّ: ومنها رِضا المُوصي؛ لأنَّها إِيجابُ مِلكٍ أو ما يَتعلَّقُ بالمِلكِ فلا بُدَّ فيه من الرِّضا كإِيجابِ المِلكِ بسائِرِ الأَشياءِ، فلا تَصحُّ وَصيةُ الهازِلِ والمُكرهِ والخاطِئِ؛ لأنَّ هذه العَوارضَ تُفوِّتُ الرِّضا (٣).

٧ - ألاَّ يَكونَ مُرتدًّا:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ وَصيةِ المُرتدِّ، هل تَصحُّ مُطلَقًا أو لا تَصحُّ مُطلَقًا أو تَكونُ مَوقوفةً فإنْ عادَ إلى الإِسلامِ صَحَّت وإلا بطَلَت؟

فذهَبَ المالِكيةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّ وَصيةَ المُرتدِّ لا تَصحُّ ولا تَنفُذُ وإنْ تقدَّمَت رِدَّته الوَصيةَ؛ لأنَّ الوَصيةَ إنَّما تُعتبَرُ زَمنَ التَّمليكِ وهو زَمنُ المَوتِ.

قالَ القَرافِيُّ: قاعِدةٌ: تَنفيذُ تَصريفاتِ المُكلَّفينَ إنَّما هو وَسيلةٌ لبَقاءِ نُفوسِهم؛ فإنَّ بَقاءَ العَينِ مع تَعذُّرِ كلِّ المَقاصدِ مُحالٌ، والمُرتدُّ أسقَطَ


(١) «النجم الوهاج» (٦/ ٢١٥).
(٢) «مغني المحتاج» (٤/ ٦٥)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ١١٤).
(٣) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>