للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشافِعيُّ في قَولٍ، وقالَ في آخَرَ: يَقفُ تَصرُّفُه، فإنْ كانَ فيما بَقيَ مِنْ مالِه وَفاءُ الغُرماءِ نفَذَ، وإلا بطَلَ.

ولنا: أنه مَحجورٌ عليه بحُكمِ حاكِمٍ، فلم يَصحَّ تَصرُّفُه كالسَّفيهِ، ولأنَّ حُقوقَ الغُرماءِ تَعلَّقتْ بأعْيانِ مالِه، فلم يَصحَّ تَصرُّفُه فيها كالمَرهونةِ.

فأمَّا إنْ تَصرَّفَ في ذمَّتِه فاشتَرى أو اقتَرضَ أو تَكفَّلَ صَحَّ تَصرُّفُه؛ لأنه أهلٌ للتصرُّفِ، وإنَّما وُجِدَ في حقِّهِ الحَجرُ، والحَجرُ إنَّما يَتعلَّقُ بمالِه لا بذِمتِه، ولكنْ لا يُشارِكُ أصحابُ هذه الدُّيونِ الغُرَماءَ؛ لأنهُم رَضُوا بذلكَ إذا عَلِموا أنه مُفلِسٌ وعامَلوهُ، ومَن لم يَعلمْ فقدْ فرَّطَ في ذلكَ، فإنَّ هذا في مَظنَّةِ الشُّهرةِ، ويُتبَعُ بها بعد فَكِّ الحَجرِ عنهُ (١).

وقالَ البُهوتيُّ : وتَصرفُ المُفلِسِ في مالِه قبلَ الحَجرِ عليه صَحيحٌ نصًّا ولو استَغرَقَ دَينُه جَميعَ مالِه؛ لأنه رَشيدٌ غيرُ مَحجورٍ عليه، ولأنَّ سبَبَ المَنعِ الحَجرُ، فلا يَتقدَّمُ سبَبَه، ويَحرمُ إنْ أضَرَّ بغَريمِه، ذكَرَه الآمِديُّ البَغداديُّ (٢).

هـ - وَقفُ المَريضِ مرَضَ المَوتِ:

المَريضُ إمَّا أنْ يُوقِفَ لغيرِ وَرثتِه، وإمَّا أنْ يُوقِفَ لوَرثتِه، وفي الحالَتينِ إمَّا أن يَكونَ مَدِينًا أو لا؟


(١) «المغني» (٤/ ٢٨٣، ٢٨٤)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٤٦٤)، ويُنظَر: «روضة الطالبين» (٤/ ١٣٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٣)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤١٢)، و «حاشية البيجوري» (٢/ ٨٨)، و «إعانة الطالبين» (٣/ ٢٩٧)، و «الديباج» (٢/ ٥١٥).
(٢) «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>