للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَدلٌ، وله أُصولٌ، منها: شَهادةُ أهلِ الذِّمةِ، وشَهادةُ الصِّبيانِ والنِّساءِ، فيما لا يَطَّلعُ عليه الرِّجالُ، والشُّروطُ في القُرآنِ في التَّحمُّلِ لا الأَداءِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: إذا تَعذَّرَ وُجودُ العَدلِ المَوصوفِ بتلك الأَوصافِ أو تَعسَّرَ كما في زَمانِنا هذا اكتُفيَ بمَن لا يُعرَفُ كَذبُه للضَّرورةِ، وقيلَ: يُجبَرُ بزيادةِ العَددِ (٢).

الشَّرطُ السابِعُ: النُّطقُ (شَهادةُ الأخرَسِ):

اشتَرطَ الفُقهاءُ في الشاهِدِ أنْ يَكونَ ناطِقًا، واختَلفَ الفُقهاءُ في شَهادةِ الأخرَسِ إذا فُهمَت هل تُقبَلُ أو لا تُقبَلُ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا تَصحُّ شَهادةُ الأخرَسِ وإنْ فُهمَت إشارَتُه؛ لأنَّ إشارَتَه أُقيمَت مَقامَ العِبارةِ في مَوضِعِ الضَّرورةِ، وهو في النِّكاحِ والطَّلاقِ؛ لأنَّها لا تُستَفادُ إلا من جِهتِه، ولا ضَرورةَ بنا إلى شَهادتِه؛ لأنَّها تَصحُّ من غَيرِه بالنُّطقِ فلا تَجوزُ بإِشارتِه كإِشارةِ الناطِقِ، يُحقِّقُه أنَّ الشَّهادةَ يُعتبَرُ فيها اليَقينُ، ولذلك لا يُكتَفَى بإيماءِ الناطِقِ، ولا يَحصُلُ اليَقينُ بالإِشارةِ، وإنَّما اكتُفيَ بإِشارتِه في أَحكامِه المُختَّصةِ به للضَّرورةِ، ولا ضَرورةَ ههنا، ولهذا لم يَجزْ أنْ يَكونَ حاكِمًا، ولأنَّ الحاكِمَ لا يَمضي حُكمُه إلا إذا وُجدَ حُكمُه بخَطِّه تَحتَ خَتمِه، ولم يُذكَرْ حُكمُه، والشاهِدُ لا يَشهَدُ برُؤيةِ خَطِّه فلَأنْ يَكونَ لا يُحكَمُ بخَطِّ غَيرِه أولَى.


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٦٤١، ٦٤٢).
(٢) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٦/ ٦٢)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>