للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَلزمُ مِنْ إِلحاقِه بمَن يُتصورُ كَونُه منه إِلحاقُه بمَن يَستحيلُ كَونُه منه، كما لمْ يَلزمْ مِنْ إِلحاقِه بمَن يُولدُ مِثلُه لمِثلِه إِلحاقُه بأَصغرَ منه» (١).

إِسلامُ الصَّغيرِ استِقلالاً عن أَبويه:

الصَّغيرُ إذا كانَ أَحدُ أَبويه مُسلِمًا فهو مُسلِمٌ بالإِجماعِ تَغليبًا للإِسلامِ، ولا يَضرُّ ما يَطرأُ بعدَ العُلوقِ منهما مِنْ رَدةٍ.

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفُوا فيما لو كانَ الأَبوانِ كافرَينِ وأسلَمَ ابنُهما الصَّغيرُ المُميِّزُ استِقلالًا عنهما، هل يَصحُّ إِسلامُه أم لا؟ بعدَ اتِّفاقِهم على عَدمِ صِحةِ إِسلامِ غيرِ المُميِّزِ؛ لأنَّ الطِّفلَ الذي لا يَعقلُ لا يَتحققُ فيه اعتِقادُ الإِسلامِ، وكَلامُه لا عِبْرَة به، فلا يَدلُّ على إِرادتِه وقَصدِه.

فذهَبَ الشافِعيةُ في الأَصحِّ وبعضُ المالِكيةِ وأَحمدُ في رِوايةٍ وزُفرُ مِنْ الحَنفيةِ إلى أنَّه لا يَصحُّ إِسلامُ الصَّبيِّ استِقلالًا في أَحكامِ الدُّنيا؛ لأنَّه غيرُ مُكلَّفٍ، فأشبَهَ غيرَ المُميِّزِ والمَجنونَ، وهما لا يَصحُّ إِسلامُهما اتِّفاقًا؛ ولأنَّ نُطقَه بالشاهدَتَينِ إما خَبَرٌ وإما إِنشاءٌ، فإنْ كانَ خَبرًا فخبَرُه غيرُ مَقبولٍ، وإنْ كانَ إِنشاءً فهو كعُقودِه وهي باطِلةٌ، وأما في أَحكامِ الآخرةِ فيَصحُّ ويَكونُ مِنْ الفائِزينَ اتِّفاقًا (٢).


(١) «المغني» (٦/ ٥٠)، ويُنْظَر: «المبدع» (٥/ ٣٠٨).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٣٥، ٢٣٦)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٧٣، ٧٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٣٣)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٦٦٩، ٦٧٤)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٧٥، ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>