للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ أذنَتْ له كذلكَ صَحَّ وحَلَّ لكُلِّ أحَدٍ أنْ يَخطبهَا على خِطبةِ الغيرِ، كما نقَلَه الرُّويانِيُّ في «البَحْر» عن نَصِّ الشَّافعيِّ في «الأمِّ»، ولكَ أنْ تقولَ: إنْ كانَ الضَّميرُ في قَولِه (ممَّن يَشاءُ) عائِدًا على الوليِّ فيَنبغي إذا أجابَ الوليُّ الخاطِبَ الأولَ أنْ يَحرُمَ على غيرِه الخِطبةُ، وإنْ كانَ عائِدًا على الخاطِبِ فإذا خطَبَها شَخصٌ فقدْ شاءَ تَزويجَها، وقد أذنَتْ في تَزويجِها ممَّن يَشاءُ هو تَزويجَها، فيَجبُ على الوليِّ إجابتُه، ويَحرُمُ على غيرِه خِطبتُها؛ لأنها قد أجابَتْهُ بالوَصفِ وإنْ لم تُجِبْه بالتَّعيينِ، واللهُ أعلَمُ (١).

الحالةُ الثَّانيةُ: أنْ تُمسِكَ عن خِطبتِها، فلا يكونُ منها إِذنٌ ولا رَضًا، ولا يكونُ منها رَدٌّ ولا كَراهيَةٌ:

إذا خطَبَ الرَّجلُ امرأةً فأمسَكَتْ عن خِطبتِها فلم يُوجَدْ منها إذنٌ ولا رضًا، ولم يُوجَدْ منها رَدٌّ ولا كَراهيةٌ، فهذهِ يَجوزُ عندَ عامَّةِ العُلماءِ أنْ يَخطبَها آخَرُ غيرُ الَّذي تَقدَّمَ لها؛ لِما رواهُ مُسلمٌ عن فاطِمةَ بنتِ قَيسٍ أنَّ أبا عمرِو بنَ حَفصٍ طلَّقَها البتَّةَ وهو غائِبٌ، فأرسَلَ إليها وكِيلُه بشَعيرٍ فسَخطَتْه، فقالَ: واللهِ ما لكِ علينا مِنْ شيءٍ، فجاءَتْ رسولَ اللهِ فذكَرَتْ ذلكَ له، فقالَ: «ليسَ لكِ عليه نَفقةٌ»، فأمَرَها أنْ تَعتدَّ في بيتِ أمِّ شَريكٍ، ثمَّ قالَ: «تلكِ امرأةٌ يَغشاها أصحابي، اعتَدِّي عندَ ابنِ أمِّ مَكتومٍ، فإنه رَجلٌ أعمَى تَضعينَ ثيابَكِ، فإذا حلَلْتِ فآذِنيني»، قالَتْ: فلمَّا


(١) «طرح التثريب» (٦/ ٨١، ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>