المَريضُ مرَضَ المَوتِ إذا أقَرَّ فلا يَخلو إِقرارُه مِنْ حالَتينِ: إمَّا أن يُقِرَّ لأجنَبيٍّ بمالٍ أو لوارِثٍ:
الحالةُ الأُولَى: أن يُقِرَّ المَريضُ مَرَضَ المَوتِ لأجنَبيٍّ بمالٍ:
أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ المَريضَ مَرضَ المَوتِ إذا أقَرَّ لأجنَبيٍّ ولو بكُلِّ مالِه أنَّ إِقرارَه صَحيحٌ؛ لأنَّه في الإِقرارِ للأجنَبيِّ غيرُ مُتَّهَمٍ فيَصِحُّ، كالإِقرارِ في الصِّحةِ.
قالَ الإمامُ ابنُ المُنذِرِ ﵀: أجمَعَ كُلُّ مَنْ نَحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ إِقرارَ المَريضِ بالدَّينِ في مَرضِه لغَيرِ الوارِثِ جائِزٌ، وذلك إذا لم يَكنْ عليه دَينٌ في الصِّحةِ.
واختَلَفوا في المَريضِ يُقِرُّ بدَينٍ لأجنَبيٍّ وعليه دَينٌ في الصِّحةِ يُبيِّنُه: فقالَت طائِفةٌ: يَبدَأُ بدَينِ الصِّحةِ، هذا قَولُ النَّخَعيِّ، وبه قالَ أَصحابُ الرَّأيِ: أنَّ الدَّينَ الذي في الصِّحةِ أوْلَى إذا كانَ بإِقرارٍ منه، أو بشَهادةِ الشُّهودِ. قالوا: وإذا استَوفاها، فأَصحابُ الإِقرارِ في المَرَضِ يَتحاصُّونَ.
وقالَت طائِفةٌ: هُما سَواءٌ، دَينُ الصِّحةِ والدَّينُ الذي يُقِرُّ به في المَرضِ، إذا كانَ الإِقرارُ لغَيرِ وارِثٍ، هذا قَولُ الشافِعيِّ ﵀ وأَبي ثَورٍ، وبه قالَ أبو عُبَيدٍ، وذكَرَ أنَّ هذا قَولُ أهلِ المَدينةِ، ورُويَ ذلك عن الحَسنِ.