للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك كالهِبةِ، وقد حَثَّ الشارِعُ على إِراقةِ الخَمرِ وإِعدامِها، فلم يُناسِبْ صِحةَ الوَصيةِ بها، ولأنَّهما غيرُ مُتقوَّمانِ في حَقِّ المُسلمِ حتى إنهما لا تُضمنانِ بالإِتلافِ، فلا تَجوزُ الوَصيةُ من المُسلمِ ولا له بالخَمرِ والخِنزيرِ.

إلا أنَّهم اختلَفوا فيما لو أَوصَى ذِميٌّ لذِميٍّ بخَمرٍ هل يَصحُّ أو لا؟

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّها باطِلةٌ أيضًا ولا تَصحُّ، سَواءٌ أَوصَى بها مُسلمٌ أو ذِميٌّ لمُسلمٍ أو لذِميٍّ.

وذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ إلى أنَّ الذِّميَّ إذا أَوصَى بها لذِميٍّ فالوَصيةُ صَحيحةٌ في حَقِّ الذِّميِّ؛ لأنَّها مالٌ مُتقوَّمٌ عندَهم كالخَلِّ ويَصحُّ تَملُّكُهم لها (١).

د- الوَصيةُ بالنَّجاساتِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أَوصَى بما يُنتفَعُ به من النَّجاساتِ.

نَصَّ الشافِعيةُ على أنَّ الوَصيةَ تَصحُّ بنَجاسةٍ يَحلُّ الانتِفاعُ بها كرَوثٍ وزِبلٍ يُنتفَعُ بهما كسِمادٍ؛ لثُبوتِ الاختِصاصِ فيها وانتِقالِها من يَدٍ إلى يَدٍ بالإِرثِ والهِبةِ، ولأنَّه قد يَنتفِعُ به في نَخلِه وزَرعِه، وكذلك الزَّيتُ النَّجسُ وجِلدُ المَيتةِ القابِلُ للدِّباغِ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٥٢)، و «التمهيد» (١٤/ ٣٠٨)، و «الذخيرة» (٧/ ١٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٤٨٥)، و «القوانين الفقهية» ص (٢٦٦)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٢٣٧)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٣٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٧٥)، و «الديباج» (٣/ ٦٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٤٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٨٠).
(٢) «الحاوي الكبير» (٨/ ٢٣٧)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٣٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٧٥)، و «الديباج» (٣/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>