للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا طلقَتِ الأمُّ هل تَعودُ لها الحَضانةُ أم لا؟

الأمُّ إذا تَزوَّجتْ سقَطَتْ حَضانتُها، إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفوا فيما لو طلقَتْ أو ماتَ زَوجُها، هل تَعودُ لها الحَضانةُ مرَّةً ثانيةً أم لا؟

وهذا لا يَخلُو مِنْ صُورتَينِ: إما أنْ يَكونَ الطَّلاقُ بائِنًا أو رَجعيًّا:

الصُّورةُ الأُولى: أنْ يَكونَ الطلاقُ بائِنًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو طلقَتِ الأمُّ طَلاقًا بائنًا، هل تَعودُ إليها الحَضانةُ مرَّةً ثانيةً أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ وبعضُ المالِكيةِ إلى أنَّ الحَضانةَ تَعودُ إليها إذا طلقَتْ أو ماتَ زَوجُها؛ لأنَّ النبيَّ علَّلَ سُقوطَ حَضانتِها بقَولِه: «أنتِ أحَقُّ به ما لَم تَنكحِي»، فتَعودُ الحَضانةُ بالطَّلاقِ؛ لأنَّ الحُكمَ إذا ثبَتَ بعِلةٍ زالَ بزَوالِها، وعلَّةُ سُقوطِ الحَضانةِ التَّزويجُ، فإنْ طلقَتْ زالَتِ العلَّةُ، فزالَ حُكمُها؛ لأنَّ المانعَ قد زالَ، فيَزولُ المَنعُ ويَعودُ حقُّها وتكونُ هي أَولى ممَّن هي أبعَدُ مِنها كما كانَتْ.

ولأنَّ المُقتضِي لحَقِّها مِنْ الحَضانةِ هو قَرابتُها الخاصَّةُ، وإنما عارَضَها مانعُ النكاحِ؛ لِما يُوجِبُه مِنْ إضاعةِ الطِّفلِ واشتغالِها بحُقوقِ الزَّوجِ الأجنَبيِّ منه عن مَصالِحِه، ولِما فيه مِنْ تَغذيتِه وتَربيتِه في نِعمةِ غيرِ أقاربِه، وعليهِم في ذلكَ مِنَّةٌ وغَضاضةٌ، فإذا انقَطعَ النكاحُ بمَوتٍ أو فُرقةٍ زالَ المانعُ، والمُقتضِي قائمٌ، فتَرتَّبَ عليه أثرُه، وأنَّ سُقوطَ حَضانتِها بالزَّواجِ كسُقوطِها

<<  <  ج: ص:  >  >>